-
في
ظل اهتمام روايتك بمقاربة قضايا واقعية لها جذور تاريخية. ما الذي اقتضاه هذا
العمل من مجهود بحثي؟ وهل غلبت الواقعية على التخييل في هذا العمل؟(الاعلامية حنان عقيل)
نحن ندخل مرحلة ما بعد
الحداثة روائيا على الاقل، بمعنى تجاوز الحداثة المرتبكة محليا والذهاب الى نموذج
روائي يفجر الرواية الكلاسيكية ويعيد بنائها، مستفيدا من خبرات متراكمة بدءا من أحمد
فارس الشادياق، مرورا بغسان كنفاني وإميل حبيبي وجبرا، وصولا إلى تجربة أسامة
العيسة وغيرهم عبر تاريخ الرواية الطويل، النموذج الجديد من الروائيين الذين أنتمي إليهم لا يؤمن بحسن
النوايا الروائية، الرواية الجديدة عمل بحثي وإبداعي متكامل، يستفيد من تجارب
وخبرات علم الاجتماع وعلم النفس والسياسة والتاريخ والأنثروبولوجيا، يمزجها
باحتراف ويقدم منتجا إبداعيا متكاملا.
رواياتي اجمالا، ورواية
الرقص الوثني خصوصا تستغرق سنتين تقريبا بين البحث والكتابة وإعادة الكتابة ثم
التحرير والإخراج، هذا بالتأكيد بعد اختمار فكرة الرواية، الذي يمتد لوقت غير
محدد، وينبت نباتا من اللاوعي؛ ليتجسد كاملا على الورق في مسودة أولى، تتبعها
مسودات.
في الرقص الوثني تقمصت كل
شخصية على حدة، قرأت عنها كما يفعل الممثلون، استشرت خبراء في علم النفس وأحدهم
زوجتي الأستاذة نادية شماسنة، اطلعت على صور فوتوغرافية وفيديوهات حول العديد من
الأماكن والأحداث والأغنيات والعادات والمواقع، قرأت تقارير عن كثير من المشكلات، ذهبت
الى خرائط جوجل وجوجل ستريت، تجولت في الأماكن التي لم أستطع زيارتها، ثم تركت ذلك
كله لمدة من الزمن إلى أن أصبحت الرواية تلح على الكتابة الاولى بكامل اختمارها في
الرأس، وبعد ذلك كله أستطيع القول أن الرقص الوثني أتعبتني، أصابتني شخصياتها
بتناقضات، أمضيت وقتا حتى خلعت كل واحدة عن كاهلي، ثم خلعت الرواية كلها وسلمتها
للقارئ.
بخصوص السؤال عن الواقعية
والتخييل، أؤمن بمقولة أن الواقع أكثر غرابة من الخيال، إنما يأتي الدور على الإبداع،
وبناء الرواية، وتمكين القارئ من عمل روائي مدهش. في الرقص الوثني يقوم المتخيل
الواقعي ويتقاطع مع الواقع المتخيل. هناك حقيقة، وهناك إيهام بالحقيقة. توجد حقائق
بقدر ما نحتاج الحقيقة وخيال بقدر ما نخدم العمل الفني الإبداعي. لا يمكن أن نصدق أن
سعيد وصفية وأبناءهما وأحفادهما حقيقيون، ولا يمكن الإنكار أنهم متخيلون روائيا،
قابلون لاحتمال الوجود، لذلك فالرقص
الوثني مادة مولدة من زواج الواقع الخيالي بالخيال الواقعي، في حبكة رئيسية، وحبكات
فرعية وشجرة متكاملة متناسقة، تشكل الفضاء الكامل للرواية (اياد شماسنة )
تعليقات
إرسال تعليق