اياد شماسنة /شاعر وروائي
عرفتُ
الشاعرة مريم الصيفي في العام 1995م.
كنت ضيفا على عمان للدراسة في جامعة الزيتونة الأهلية الأردنية، وهاويا طموحا في الأدب،
أحاول العثور على طريق وسط الأدباء الذين تعتبر عمان عاصمتهم. انضممت إلى عضوية
النادي العربي للثقافة والفنون، وساهمت بتأسيس جماعة النوارس الشعرية مع الشاعر
إسماعيل منصور علي. تعرفت في البداية على ابنة اللد المعلمة الشاعرة شهلا الكيالي
في مدرستها في حي نزال، ومن ثم سمعت بالشاعرة مريم الصيفي، وعرفت عن صالونها
الثقافي الذي يؤمه نخبة من الأدباء، وصرت أتابع أخباره في الإذاعة الأردنية،
وأخبار المثقفين ممن تشهد لهم الحركة الثقافية، ويقام في بيت الشاعرة كل شهر
تقريبا، التقيت الشاعرة مريم الصيفي مرة ثانية قبل سنوات، ولم أتوقع أن يستمر
صالونها إلى هذه اليوم وحال الثقافة العربية كحال السياسة: بعيد عن المثقف إن لم
يكن معاديا له؛ هذا العام يحتفل الصالون الثقافي بمرور ثلاثين عاما على تأسيسه،
ليكون أطول صالون ثقافي عمرا في الوطن العربي.
ولدت مريم خليل سالم الصيفي عام 1945 في
الولجة الفلسطينية قضاء القدس. هاجرت من فلسطين إثر النكبة الأليمة 1948 م. أنهت
دراستها الثانوية في
عمان،
وتخرجت من قسم اللغة العربية بالجامعة الأردنية 1968م، ثم حصلت على الدبلوم العامة
في التربية من جامعة الكويت 1978 م (البابطين، 2008)[i].
في العام 1987م، بدأت لقاءات الصالون الثقافي في
الكويت، وكانت الجلسات مفعمة بالأدب والثقافة، وما زالت في بيت الشاعرة حيثما
استقرت. انتقلت الصيفي إلى العاصمة
الأردنية عمان عام 1991م، وهناك تواصلت اللقاءات من جديد برواد جدد ورواد قدامى
عادوا من الكويت، واتسع البيت في عمان، حيث بينت الشاعرة في حديث معها عبر الانترنت أن صالونها الأدبي
يؤمه كتاب من مختلف المحافظات، إضافة إلى كتاب عرب، وأجانب أحيانا.
وأضافت الصيفي "بدأت اللقاءات في
الصالون الثقافي سنة ١٩٨٧م، حيث نشأت الفكرة في شهر كانون الثاني بعد الانتفاضة
الأولى بأسبوع، تحدثنا مع أصدقائنا الشعراء في الكويت، ودعوناهم، واجتمعنا في بيتنا،
واستمرت لقاءاتنا حتى عام١٩٩١م، حين غادرنا الكويت إلى الأردن بعد حرب الخليج[ii].
وتقول الصيفي أيضا"” لطالما حلمت بأن أكون صاحبة صالون أدبي، يلتقي فيه
الشعراء والأدباء والمثقفون والمبدعون بكل ألوان إبداعهم، ويضيف لبنة جديدة في صرح
الثقافة العربي. ظل الحلم
يراودني فترة طويلة من الزمن. وكنت كلما قرأت عن صاحبات المجالس الأدبية في العصور
القديمة، وصاحبات الصالونات الأدبية في العصور الحديثة؛ ازداد إعجابي بما صنعن،
وبما قدمن، وازدادت رغبتي في تحقيق ذلك الحلم.
قرأت عن صاحبات المجالس الأدبية في
الجاهلية والاسلام، ومنهن: هند بنت الخس، أم جندب زوجة أمرىء القيس، سكينة بنت
الحسين، ولادة بنت المستكفي، وحفصة الراكونية. وقرأت كذلك عن سيدات الصالونات
الأدبية في العصر الحديث، ومنهن: نازلي فاضل التي صبغ صالونها بالصبغة السياسية، ولبيبة
هاشم صاحبة مجلة الفتاة، وهاتان كانتا قبل مي زيادة في مصر، أما من سورية؛ فقد
قرأت عن مريانا مراش في حلب، ماري عجمي في دمشق.
لقد وثقت للصالون نشاطاته وحضوره في كتابي الذي صدر العام 1999 وهو "فضاءات
شعرية "حيث جمعت في هذا الكتاب أعمالا ل38 شاعرًا وشاعرة من رواد الصالون
وأصدقائه. وفي الكتاب نبذة عن تجربتي في تنظيم فعالياته، وسيرًا ذاتية وقصائد
للشعراء رواد الصالون، وقد قدم لهذا الكتاب الناقد الدكتور محمد جمعة الوحش، أحد الرواد،
وممن يديرون معظم جلساته.
من المؤسسين الأوائل للصالون الثقافي: مريم
الصيفي، د رجا سمرين، هلال الفارع، علي الزيناتي، ربحي محمود المرقطن، علي الحسن، جوهرة
السفاريني، وأكرم عرفات من فلسطين والأردن، محمد عيادة من سوريا، ومحمد يوسف من
مصر.
اما أهم الرواد المتابعون، فتذكر الصيفي منهم د.
محمد جمعة الوحش، د.راشد عيسى، د. حكمت النوايسة، الشاعر صلاح أبو لاوي، أحمد أبو
سليم، نزار سرطاوي، سعد الدين شاهين، د.ناصر شبانة، د.عمر ربيحات، هشام قواسمه،
الشاعرة شهلا كيالي رحمها الله، محمد جميعان، د.سعيد الخواجا، إيهاب الشلبي، رشيدة
محمدي والزبير دردوخ من الجزائر، محمد عيادة وَعَبَد القادر الحصني وَعَبَد النبي
التلاوي من سوريا، وزاهي وهبي من لبنان. وقد تجاوز عدد ضيوف الصالون مائتين
وثلاثين.
ومن أبرز من تمت دعوته إلى صالون مريم
الصيفي الثقافي: الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد رحمه الله، وقد تم
تكريمه بما يليق بمكانته وشعره، وكذلك د، رجا سمرين لما له من أياد بيضاء في الشعر
والنقد والأدب.
ويتنوع رواد الصالون جغرافيا، على عدد
كبير من الأقطار العربية ومن العالم، ومن امثلة ذلك: فلسطين وسوريا ولبنان والعراق
والسعودية وعمان واليمن والجزائر وتونس والمغرب، وقد حضر من روسيا حضر رئيس اتحاد
الكتاب الروس والشاعر يوري بولياكوف والمترجم أوليغ بافكين، ومن تركيا رئيس رابطة
الكتاب فرع أنطاكيا، وكثير من الشعراء والأدباء.
وتستمر اللقاءات الثقافية كل شهر أو
شهرين تقريبا على أبعد تقدير، يدير جلساته حاليا كل من د.محمد جمعة الوحش أو د.راشد
عيسى، ويتولى الإدارة في غيابهما، أحد الشعراء الموجودين، تتم في الجلسة قراءة
نصوص وقصائد والتعليق عليها، وإثارة قضايا نقدية، أو لغوية، أو عروضية وغيرها.
يحضر اللقاءات من تتم دعوتهم مسبقا، ولا
يتم الإعلان عن اللقاء إلا بعد أن ينتهي التحضير ليكون الحضور نوعيا. وقد كان ذلك
بروتوكولا طيلة عمر الصالون الذي يبلغ اليوم ثلاثين عاما. وتعلق الصيفي على ذلك
قائلة: "لا أظن أن صالونا أدبيا استمر لمثل هذه المدة الزمنية، في الأردن كان
هناك صالونات كثيرة ولكنها لم تستمر، ما عدا البيت الأدبي لأحمد أبو حليوة في
الزرقاء؛ عمره الآن خمسة عشر عاما، وما زال مستمرا ولقاءاته شهرية".
في سؤال موجه إليها حول الحركة الأدبية
نسويا في الأردن، تصفها الشاعرة الصيفي بأنها نشطة، ولها قيمتها. وتضيف أن هناك
أسماء بارزة كثيرة من الشاعرات والقاصات والأديبات والناقدات، وهن معروفات على
مستوى الأردن والمستوى العربي، أما بالنسبة للحضور النسوي في الصالون فلا تحضر إلا
القليل من النساء، وتعلل ذلك بأن الجلسات مسائية وتمتد وقتا طويلا.
ومن أبرز الأسماء النسائية التي اعتادت الحضور: الشاعرة
المرحومة شهلا الكيالي، والأديبات : نبيلة الخطيب، سامية العطعوط، هند التونسي،
شهلا العجيلي، عطاف جانم، د. امتنان الصمادي، رفعة يونس، منتهى السفاريني، أريج
النابلسي، أمل المشايخ ، زهرية الصعوب، ود.سميرة الخوالدة . وقد قامت الصيفي في
أواخر عام 2016م بعقد لقاء نهاري نسوي حضره عدد كبير من النساء اللوتي اعتدن
الحضور، بالاضافة الى أسماء أخرى مثل د.ليندا عبيد، أمينة العدوان، حذام قدورة، سهام
ملكاوي، د.نهلة الشقران، دعاء بياتنة ود.سهام الموسى. أما من الوطن العربي فحضرت
الأديبات: رشيدة محمدي من الجزائر، جميلة غرياني من تونس، حبيبة
الصوفي من المغرب، د.رقية العيد الطيب العباسي من السودان، ومن سوريا: حضرت
الشاعرات : قمر صبري الجاسم وليلى مقدسي، أما من العراق فقد حضرت الشاعرات: شرقية
الراوي وهي صاحبة مجلس أدبي في بغداد، وساجدة الموسوي، أسماء العامري، ود.بشرى
البستاني.
يتم توثيق أسماء الحضور، وتدوين بعض
الملاحظات ورقيا، أما التوثيق المرئي المسموع للأنشطة فقد بدأ به منذ عام ٢٠٠٧م، وخاصة
قراءات النصوص الأدبية وبعض التعليقات عليها، وهي محفوظة لدى الشاعرة، ويمكن
الاطلاع عليها،وبالإضافة إلى نشر الكثير منها على الفيسبوك واليوتيوب، وقد سبق
تسجيل لقاءات في الصالون وعنه من قبل العديد من محطات التلفزة.
ومازالت مريم الصيفي مستمرة في عقد
جلسات صالونها؛ ليصبح أطول الصالونات الثقافية عمرا في الوطن العربي، وما زالت
وفية لفلسطين، وفلسطين وفية لأبنائها؛ فقد كرمت الشاعرة الصيفي من قبل ملتقى
المقدسيين الثقافي في جامعة القدس عام ٢٠١١م، لكن الاتحاد العام للكتاب، ووزارة الثقافة
الفلسطينية وبيت الشعر الفلسطيني، ما يزالوا مطالبين بتقدير الانجاز وتوثيقه، ثم
تسجيله كأطول صالون ثقافي عمرا في الوطن العربي.
تعليقات
إرسال تعليق