أديب فلسطيني يرى أن ضياع الأندلس فتح الأبواب أمام هذه الهزائمأديب فلسطيني يرى أن ضياع الأندلس فتح الأبواب أمام هذه الهزائمإياد شماسنة: الرواية الجيدة هي التي تتمرد على كاتبها
* ما القضية الجوهرية التي عالجتها روايتك “امرأة اسمها العاصمة”?
* أطلق الأديب المقدسي ابراهيم جوهر على هذه الرواية مسمي”رواية الفلسفة الفلسطينية”, بينما قال الناقد عزيز العصا أن” الروائي فيها يُعني بالنموذج المعرفي للأدب, الذي يثري وهو يقدم السرد الى قارئ متعطش للفلسفة والفكرة”. لقد قامت الرواية على سرد دافئ, تبحر به شخصيات متميزة ثقافيا, لتناقش بلغتها وعبر أسئلتها الحالة الفلسطينية والتحديات الوجودية تحت الاحتلال.
بما أن “لورانس داريل” يقول أن “ثيمة الرواية هي ثيمة الحياة نفسها”, يمكننا القول بأن القضية الأساسية التي بنيت عليها الرواية هي” ازدواجية الولاء والانتماء”, التي تميز الفلسطيني, الانتماء للمرأة والعاصمة والمكان والتراث, للوطن الأم والوطن المضيف, للمشروع التاريخ, والحل المؤقت. تؤكد الرواية, بشكل غير مباشر, أن الفلسطيني يتميز بوفائه لكل مضيفيه وبعمق انتمائه للأماكن التي نشأ فيها في منفاه, بالاضافة الى الانتماء المقدس لفلسطين بكامل ترابها وتاريخها.ثم برزت مجموعة من القضايا الحساسة, ثقافيا واجتماعيا, على شكل تحديات في ثنايا الرواية, وقد تجسدت في العلاقة بين أبطال الرواية, حيث أن ابن القدس يعشق فتاة من حيفا, الا أن ابنة حيفا تزوج ابن “العاصمة بصديقتهم المشتركة من رام الله. انها ثلاث مدن بما تملكه من دلالات في الجغرافيا والتاريخ الفلسطيني.
* ما رمزية غلاف الرواية, وهل قصدت الاشارة هنا الى فلسطين وهي في حالة تمرد مستمر على المحتل?
* غلاف الرواية من تصميم الفنان نضال جمهور, بينما اللوحة من ابداع الفنان الأميركي فريدون رسولي, الايراني الأصل, بما يملكه من تراث روحي يتصل بجلال الدين الرومي وعمر الخيام. اللوحة الأساسية تحمل عنوان “ولد حرا” وهي بألوانها المكونة أساسا من الأبيض, الذي يعتبر تاريخيًا كاشارة للنقاء والعذرية, والأحمر الذي يشير الى الحب, بالاضافة الى الخطر والتحذير. كما يتلاقي اسم الرواية, بما تحمل من رمز الأنثي, بحالتيها “المرأة والمدينة ” وهما يتبادلان الدلالات, ليمنح تفسيرا لما هي رؤية الفلسطيني, ولما يجب أن تكون عليها مكونات قضيته الأساسية التي يستمر بها. وهي المرأة, والعاصمة. وقد تقدمت الرواية جملة مهمة تلخص ذلك: “متى ما أضعنا الأنثى العاصمة ستضيع, الى الأبد, الأنثى المدينة”.
* باعتقادي أن فلسطين بدأت تضيع حين ضاعت الأندلس, ثم استمرت في الضياع في ظل تجاذب وتوازنات القوى العالمية آنذاك وحاليا. وحالة ملوك الطوائف الأندلسية تشابه الى حد كبير, حالة الدول العربية هذه الأيام, وقد انتهت حالة الطوائف بانهيارات متعددة انتهي آخرها بسقوط غرناطة, وأخشى أن يكون التاريخ قد بدأ دورته التالية, بينما لا زلنا لم نستوعب الدرس الذي يتبني قانون”أثر الفراشة” حتى الآن, في ظل السكوت المطبق على القضايا المهمة في حياة الشعب العربي.
* بعد التهميش الذي تعيشه القضية الفلسطينية اليوم, بسبب سخونة الأحداث التي تشهدها المنطقة, هل تنجح الأعمال الروائية في اعادة هذه القضية الى الساحة ولفت الأنظار لها ولأحقيتها في النضال المستمر?
* تعتبر الرواية اليوم ديوانا جديدا للعرب بجانب الشعر, الذي كاد يفقد تصدُره للفنون ثم عاد من جديد, وهو الآن في حالة صعود, رغم ما يعترى صعود الشعر من تحديات. بالنسبة للرواية. فقد برزت مشاريع روائية, بأجيال مختلفة, منها من هو في بداياته, ومنها من له تاريخ في الأدب عموما وفي الرواية خصوصا.
نظرًا لأن المساهمة الثقافية في الحضارة العالمية تعتبر مؤشرا على التحضر, فان الرواية, بما تعيد انتاجه من قضايا, وتقدمه وتناقشه بشكل مباشر أو غير مباشر, تساهم في مزيد من الضوء, وان لم يكن كافيا وكاملا على القضية الفلسطينية من بابين:
أولهما: تؤكد المساهمة الثقافية للفلسطينيين, في شتاتهم وأوطانهم المضيفة, على أن الشعب الفلسطيني خصب ابداعيا بجانب الخصب الثوري الذي يتميز به في تاريخ نضاله, وينفي انه شعب مُصَدِر للعنف, بل يؤكد أنه قادر على المساهمة في الحضارة الانسانية, ولدينا أسماء مبدعين يحضرني منها سحر خليفة وابراهيم نصر الله, وغيرهم, استطاعوا الانتقال من الحضور في الوسط الفلسطيني الى الانتشار واسعًا.
أما الباب الثاني, فهو المساهمة في اعادة تشكيل الوعي الفلسطيني, في ظل التحديات الراهنة وحالة الكساد التي تعترى الحالة السياسية العربية. فقد قدم ابراهيم نصر الله مثلا مشروع الملهاة الفلسطينية, الذي يعيد صياغة فهمنا للمراحل المختلفة من التاريخ الفلسطيني, بينما يعيد كتاب شباب مثل “احمد أبو سليم” الاعتبار للفلسطيني الثائر كانسان, بعيدا عن الأسطورة, ويناقش انه انسان عادي, وضحية على حق لها أخطاؤها وآلامها وطموحاتها.
* هل أخذت الرواية الفلسطينية حقها في الانتشار عربياً وعالمياً?
* للرواية الفلسطينية في الوطن معاناتها, وظروفها الخاصة, من ظروف المبدع الذي يعاني في صراعه مع الاحتلال من جهة, ومن أجل لقمة العيش من جهة أخرى. ويترافق ذلك مع غياب الرعاية الرسمية للثقافة والأدب, وسيادة أولويات مختلفة, تراجعت أمامها الثقافة كوسيلة تشكيل للهوية, وكفعل مقاوم أمام أشكال المقاومة الأخرى, الذي تقود المنظمات الأهلية كثيرا منه بتمويل أجنبي.
أما الرواية الفلسطينية التي يكتبها أدباء فلسطينيون يعيشون خارج فلسطين, فنحن نشهد حالة تتوازي مع الحالة العربية وتتميز عنها أحيانا. فعندما نراقب القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية, فاننا نري أن أسماء فلسطينية مختلفة تترد فيها أولهم ابراهيم نصر الله, , وقد تشرفت بمعرفة أسماء عدة من الروائيين الكبار, مثل: جمال ناجي, واحمد أبو سليم, وراشد عيسى, لا تقل رواياتهم عن الروايات المرشحة للبوكر, بالاضافة الى أننا لا نستثني الرواية المكتوبة عن الفلسطينيين بأيدي أشقاء عرب, مثل “الروائية المصرية د رضوي عاشور” في روايتها “الطنطورية”.
أعتقد أن الانتشار محكوم بظروف السوق, ورغم أن كل كاتب يملك طموحا بالانتشار, الا أن أزمة النشر وصناعة الكتاب العربي, وارتفاع أسعار الورق الذي نستورده ولا ننتجه تلقي بظلالها على انتشار الأعمال الروائية, ولا يغيب ذلك عن الحالة الفلسطينية داخل فلسطين أو خارجها.
* لا تهدف الرواية للتوثيق, وانما هي بشكل أساسي تكوين جمالي يسلط الضوء على قضايا مختلفة ويناقشها, ويعتبر المكان والزمان ركنين أساسين من أركان الرواية الناجحة بل ان الزمان ما لا تقوم الرواية بدونه أساسا. وكل مكان أو زمان يخدم, بالضرورة, القضية الروائية التي يناقشها, فهوية المكان تشكل جزءًا من هوية مجتمع الرواية. رواية “امرأة اسمها العاصمة”, مسرحها المكاني يتنقل بين حيفا والكرمل والقدس ورام الله وجنين, بينما زمانها الداخلي الذي تعيشه الشخصيات هو بين العام 2002 و2003, حين اعاد الاحتلال الاسرائيلي احتلال الضفة الغربية, بعد حصار الشهيد أبو عمار في المقاطعة والتهديد بقتله, وما شكل ذلك من تهديد لرمزه الذي يجمع عليه كل فلسطيني.
اعتقد أن الرواية تمكنت من بناء المشهد المكاني المناسب لمناقشة القضايا المهمة, رغم ابتعادها عن التوثيق المباشر الذي ليس من هدفها, وكذلك استطاعت توضيح الزمن الذي جرت فيه الأحداث.
* هل تعكس الأمكنة التي ذكرتها في روايتك والشخوص التاريخية فيها اهتماماتك الأدبية واطلاعك على التاريخ, بالتالي خروج الرواية لتعكس ارثك ومخزونك الأدبي, أم أنك بحثت في هذه المدن وذهبت اليها لتكون شريكة أساسية وبطلة من أبطال روايتك?
* الرواية الجيدة هي التي تتمرد على كاتبها, بحيث تقوم الشخصيات بتكوين رؤيتها الخاصة وطرح آرائها, لكن الأعمال الأولى للكاتب, وخصوصا الروائية, تشهد زواجا ما بين حالة الكاتب وحالة شخصياته بحيث نري جزءًا منه في الرواية, وتتقاطع أراء الشخصيات وأفكارها مع آرائه. الأمكنة والشخوص التاريخية جزء من المخزون الأدبي للكاتب أولا, ثم جزء من ثقافة الشخصيات المولودة في الرواية, باعتبارها شخصيات مثقفة: أدبيا وعلميا, وتمتلك وعيا حضاريًا وانسانيًا. لذلك, فانه لا بد للكاتب من أن يكون ملما بأبعاد القضية التي يناقشها, لكي يتمكن من ايجاد شخصيات قادرة على حمل القضية, دون أن تكون مجرد شخصيات كرتونية, أو شخصيات هشة. كما أن الروائي الذي يكتب في منطقة مزدحمة بالتاريخ والقداسة لا بد ان يكون ملما بما يخوض به, ويحضرني في هذا السياق”شخصية روبرت لانغدون” في روايات دان براون الذي يعرف كل شي عن الأساطير الدينية والتراث الديني والرموز المختلفة, بحيث يستطيع التعامل كشخصية أساسية مع العالم الذي يخوض الصراع فيه, وذلك ناتج أساسا من اطلاع الروائي, أو قيامه بجمع المعلومات قبل كتابة الرواية عن تلك الأماكن والرموز.
* تقول “لقد افترقت قلوبنا, فضاعت الأندلس ولم نفعل لها الا البكاء, ثم تساقطت الدولة العثمانية, ولم نفعل الا اذكاء الافتراق أكثر”, ورود انهيار الخلافة العثمانية ضمن قائمة انكساراتنا في هذه الرواية بكل تأكيد, سيثير خلافاً عميقاً, نظراً لما عاشه العرب من ظلم في ظل حكم الدولة العثمانية, لماذا قررت دمج هذه القضية مع قائمة هزائمنا التي تطول?
* في البداية, كانت الدولة العثمانية مشروعا عالميا, يجمع المسلمين والعرب ومن حالفهم كافة. وعندما مرت بمرحلة النهوض نهض معها جميع من كان تحت حكمها, وعندما دخلت تحت مسمى الرجل المريض, عاني كل من تحت حكمها من القوميات المختلفة, ومنهم العرب الذين شكلوا الجزء الأكبر منها, وما حدث من ظلم تحت ادارة الدولة العثمانية يتكرر تحت ظل أنظمة عربية مختلفة, وربما كانت الدولة العثمانية أكثر رحمة في أكثر ظروف ترديها, من أنظمة قمعية نعرفها. ونحن لا نستطيع عزل الظروف العالمية عن الظروف العربية أو العثمانية, وكما قلت في البداية فان مرحلة الضياع الكبرى بدأت بسقوط غرناطة التي توازت مع صعود الدولة العثمانية. في تلك الأثناء قامت الدول الكبرى بالسيطرة على تراث الأندلس, العلمي والحضاري, ونهبه, وأقامت محاكم التفتيش الشهيرة, التي لم تلق تنديدا رسميا حتى الآن. ثم شنت بحملات عالمية لنهب الثروات بحجة الاكتشافات الجغرافية, مع أن المخطوطات تثبت أن كثيرا من المناطق كانت مكتشفة قبل حملات الاستكشاف, منها أميركا التي ظهرت في خرائط الأسطول العثماني, ومكن ذلك الدول من فرض هيمنة على مناطق من العالم. توسعت الدولة العثمانية, بشكل كبير, وقامت على نحو ما بتجميد هذه المناطق التي كانت أساسا تحت نفوذ أمراء المناطق من قبائل أو مماليك أو ولاة, وتركت البلاد دون تطوير, فاعتبر أهل البلاد ذلك أمرا حتميا بما أنهم ينعمون بالوحدة تحت راية السلطان الحاكم بأمر الله.
لكن الدول المختلفة, وأشهرها: روسيا وفرنسا وانجلترا وألمانيا, تدخلت كثيرا في الدولة العثمانية: سياسيا وعسكريا, لفرض شروط وسياسات, ودعمت سياسات انفصالية أدت الى زعزعة الأمن والانشغال بالسيطرة واحكام القبضة, واطالة أمد الصراع والغفلة عن صناعة التطور.
* في رواية “امرأة اسمها العاصمة” اعتمدت نهج السرد الدافئ, ذلك النوع من السرد الذي لا يناقش كيف يقوم البطل من مكانه ويفتح الباب, ثم يستقبل الضيف, بل تسأل: ما الباب, ومن الضيف, وما الذي يجعل الباب بابا, ومعنى أن يكون مفتوحاً, وفائدة أو ضرر أن يبقى مغلقا? ويستعين هذا السرد بلغة دافئة, وبيان, وجزالة تلخص المعاني المختلفة في جمل, قد تصلح اقتباسات تترد في المواقع المختلفة.
الشعر لدي فن مستقل, تماما, وكما لا تخالط الشعر الرواية, بمعنى لا نجد رواية كاملة داخل الشعر, فان الرواية عمل أدبي مستقل متكامل, الفارق أن الرواية قد تجمع ألوانا من الفنون في قالبها الابداعي الذي تنصهر فيه لتكون الرواية, فيحدث أن نري في الرواية قصيدة أو خاطرة أو رسالة.
اعتقد أن التنظير الأدبي يجب أن يفرق بين اللغة الشعرية واللغة الشاعرية, فليس كل شاعرية شعر, ولا كل شعر يجب أن يكون شاعريا بالضرورة, والمسافة بينهما صغيرة جدا, انما القصيدة الحقيقية التي اعرفها واكتبها لا تكتب رواية, أنا استعير من اللغة الشاعرية بعض الأدوات لخدمة الفن الروائي, وأوظف القصيدة داخل الرواية, لكن يبقى هناك فاصل بين الشعر والرواية, ولكل منهما شروطه وأدواته ووظيفته الجمالية وطريقته في اثارة الدهشة.
خبرة الشاعر تمنحه ميزة ما ان كان خبيرا بكتابة الرواية, وقد تورطه في تأملات يعتبرها النقاد حشوا غير مرغوب فيه, ذلك يسمي بالمقاطع القرمزية, التي حين يتم حذفها لا يتأثر فهمنا للراوية, وعندما تتم ازالتها من جمل ما يبقى المعنى واضحا مستقلا, لا اعتقد انه يوجد مقاطع قرمزية في رواية “امرأة اسمها العاصمة”, لان جميع ما كتب يخدم الفكرة الأساسية, بشكل مباشر أو غير مباشر.
* الاحتلال الصهيوني كيف يقرأ الأدب الفلسطيني وكيف يراه?
* الأدب الفلسطيني فعل مقاوم, وهو من مكونات وأدوات تشكيل الهوية الفلسطينية, ومساهم مهم في صياغة الوعي الفلسطيني. وأنا أؤمن تماما بمقولة ابن خلدون: “أن رقي الفن دليل على رقي العمران, وان انحدار الفن مؤشر بخراب العمران”.
في الصراع مع المحتل, يتخذ الأدب دوره في المقاومة, وقد كان الاهتمام كبيرا بالعمل الثقافي عموما, والأدبي خصوصا, في مراحل النضال الفلسطيني من اجل الحرية, انما في ظل المؤسسات التي تتلقي تمويلا أجنبيا له أجندات مختلفة, منها المعلن ومنها غير معلن. لذلك, فان تشكيل الوعي شرط هام لتحقيق الأجندة الخارجية, وقد يتم تنحية أدباء أو مفكرين, كما حدث من عمليات اغتيال شهيرة لأدباء في التاريخ الفلسطيني.
أعتقد أن الاحتلال الصهيوني بارع في قراءة المؤشرات المختلفة ليحافظ على تفوقه على الشعب الذي يحتله. وكما قال وينستون تشرشل بعد الحرب العالمية الثانية”اليوم ابتدأت حرب الأدمغة”, فان الاحتلال يعرف أن حرب العقول المبدعة معركة يجب كسبها, فيرصد المؤشرات الثقافية ويحللها كافة, لأنها البوابة الحضارية التي نقدمها الى العالم, وتقدمنا كضحايا على حق تبحث عن حريتها.
* ماذا عن الشعر وعلاقتك به?
* سؤال في غاية الصعوبة, فأنا أقول الشعر ¯ أو يقولني الشعر ونحن متفقان على ذلك, أما أن أتحدث عن نفسي فذلك أمر ليس باليسير لكني سأقتبس ما اكتبه الآن في كتاب سيصدر لاحقا بعنوان “اللهب الكامن في الأزرق” ليجيب على السؤال نيابة عني:
-أنا يا صديقتي لا اكتب الشعر اطلاقا, أنا فقط انظر الى السماء والى الأرض والى عينيك فأسبّح بحمد خالقها جميعا, وعلى اثر ذلك تتداعى العصافير من كل الأصناف والألوان الى غصن يدي, مسبحة معي فاختار منها النسق الجميل لكي تتحول الى كلمات, تنام على حبال السطور, وبذلك تكون القصيدة”.
-تسألين عن وصفة ابتكار القصيدة, وأنا الذي يجب أن يسأل, أنا لا أفكر الا في أنني يجب آن أكون لائقا بنفسي وبك وبالعالم وأنا أفصل لها رداءها, وأضعها في الكلمات والوزن الذي تستحق.
-أنت يا ملهمتى تبتكرين القصيدة, أنت تضعينها في لا وعيي, ثم تحفزين الوعي على توليدها, وأنا, أنا الشاعر, من يتولي كسوتها, واختيار ثيابها الفاخرة, أو المتواضعة, ثم اختار لها العطر المناسب, أكونه بنفسي وأنثره بين الكلمات والموسيقي, ربما لذلك يحسب الناس أن الشاعر من يكتب القصيدة.
* أنتَ بصدد اصدار مجموعة شعرية بعنوان “حدائق الكريستال”, بماذا تميزت وما أهم المواضيع التي عالجتها?
* تأتي مجموعة حدائق الكريستال بعد ثلاث سنوات من اصدار ديوان “التاريخ السري لفارس الغبار ” الذي كان التجربة الأولى التي خضت بها عالم النشر, لذلك تم اختيار قصائد “حدائق الكريستال” بخبرة اكبر, تطورت فيها وتقدمت الرؤيا, وأزعم أنني امتلكت فيها ناصية القول أكثر, أصبحت القصيدة حالة ابداعية تقول نفسها على لساني بموسيقى أكثر تناغما بين العناصر الجمالية المكونة للقصيدة.
جميع القصائد في الديوانين تمتلك الوزن الشعري المتعارف عليه عربيا, تتنوع بحورها بين عدد لا بأس به, وتعالج قضايا شتي, معظمها انساني بالدرجة الأولي, وان تعددت الثيمات التي تم التناول من خلالها, الا أن موضوعها “الانسان الفلسطيني أولا والعربي ثانيًا, والانسان عموما”.
* ماذا نقرأ حين يكتب الشاعر الرواية وحين يكتب الروائي الشعر, وحين يعيش الحالتين في آنٍ?
* عندما يكون الروائي خبيرا عارفا بأدواته متقنا لشروط فنه, سنقرأ روايات في غاية الجمال كما قرأنا لأحلام مستغانمي وابراهيم نصر الله, وهم شعراء كتبوا رواية ونجحوا فيها, وربما كان نجاحهم فيها أكثر من نجاحهم الشعري, بعض الأدباء اكتفى باصدار شعري واحد ثم تحول تماما الى الرواية كما فعل أمير تاج السر, أما تحول الروائي الى كتابة الشعر فذلك أمر عسير, لان الشعر فن خاص لا يمنح لأحد زهرة الشعر الا عند وجود الموهبة, عكس السرد الذي يمكن التجريب فيه.
وعندما قرأت روايات كتبها شعراء, وجدت خيالا خصبا ورائعًا, ودهشت من العوالم الجميلة, والمفاجآت التي حظيت بها في صفحاتهم, وآخر رواية سيرية قرأتها للشاعر راشد عيسى, والتي عنوانها “مفتاح الباب المخلوع”, فوجدت زواج الحالتين عن كاتب خبير عارف بأدواته وكانت النتيجة من حظ الأدب ومن حسن حظ القارئ, أما اختلال التوازن بين الرغبة في الكتابة وامتلاك الأدوات, فسيُنتج نصا تأمليا شاعريا لا يحقق شروط الرواية ولا يتمكن من الاستحواذ على القارئ.
* ماذا عن كتابك الذي سيصدر قريباً بعنوان “الادارة الدقيقة والقدرة التنافسية للموارد البشرية” ما التيمة الأساسية له?
* يدرس الكتاب مفهوما جديدا على الأدبيات الادارية باللغة العربية وهو “الادارة الدقيقة” التي قمت بتعريبها من اللغة الإنكليزية ” micromanagement””, والتي تعرف بأنها النمط الاداري الذي يتضمن تدخلا, بشكل مبالغ فيه, من دون الحاجة الفعلية لذلك, اما في التخطيط للعمل, أو في طرق تنفيذه, أو في العمليات الاشرافية المصاحبة له. وينتج ذلك عن الخوف من الفشل, أو الرغبة في الانجاز, ويترافق مع عدم الثقة بالمرؤوسين وعدم تفويضهم, لأسباب قد تكون نفسية أو ادارية أو ثقافية أو تكتيكية, بالاضافة الى عدم التسامح مع الأخطاء, ما يؤدي الى فقدان المرؤوسين احساسهم بأهمية العمل, وثقتهم بقدرتهم على الأداء, والابداع, وبالتالي توجيه الجهد الى اخفاء الأخطاء بدل تقديم الابتكار.
بيروت – سجا العبدلي:
يؤكد الشاعر والروائي اياد شماسنة أن رواية “امرأة اسمها العاصمة ” اعتمدت نهج السرد الدافئ. ” ويعتبر أن ” الرواية الجيدة هي التي تتمرد على كاتبها, بحيث تقوم الشخصيات بتكوين رؤيتها الخاصة وطرح آرائها”. شماسنة شاعر وروائي فلسطيني صدر له: ديوان شعر” التاريخ السري لفارس الغبار ” ورواية امرأة اسمها العاصمة” عن دار فضاءات وسيصدر له قريباً ديوان شعر مخطوط بعنوان ” حدائق الكريستال ” , معه كان هذا الحوار:
انهيارات تاريخية
* ما سبب المقاربة بين الماضي البعيد متجسداً بالحضارة الأندلسية والواقع الحالي بكل انكساراته وانهزاماته?
توثيق
* كيف نجحت في عملية التوثيق لكل من الزمان والمكان, في آن معًا, في قلب أحداث هذه الرواية?
بين الشعر والرواية
* هل يمكن القول أنك, ومن خلال هذا العمل, قد زاوجت ما بين الشعر والرواية, وهل أثر الحس الشعري لديك على كتابتك للرواية?
http://al-seyassah.com/%D8%A5%D9%8A%D8%A7%D8%AF-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%87%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AA%D8%AA%D9%85/
http://al-seyassah.com/%D8%A5%D9%8A%D8%A7%D8%AF-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%87%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AA%D8%AA%D9%85/
تعليقات
إرسال تعليق