أم لعلك كنت
تقود العملية التعليمية في دولة نفط لعشرين أو ثلاثين عاما ثم تحتاج أن تقرع جدار
الخزان عند الحدود. قل لهم انك عربي فقط ولن يصدقوك، أنت من "الأجانب"
الذين يدفعون لهم مقابل الخدمات.
كأن لم تغرس
حب البلاد في نفوس البنين والبنات، لم تفتتح يومك بالنشيد الوطني للبلاد، لم تحتفل
معهم بيوم الاستقلال وعيد العلم ويوم المعلم، لا تحاول أن تتحدث بصوت أعلى قليلا؛.لا
تفكر في محاولة الإقناع، ستزداد الفجوة وربما لن تعود إلى وطنك الذي بنيته، أو
ربما تعود بأسرع مما أتيت.
ما أصعب .أن
تنزف قطرة بعد قطرة وانت تبني العراق ثم تطرد لأنك أخلصت، لأنك في فترة العهد
الطويل كنت تعمل بإخلاص وإتقان، شكرت اليد التي إعانتك، لأنك هتفت لمن هتف لك،
لأنك ظننت وأحسنت الظن بأخيك العربي على ضفاف دجلة،
هل كنت يوما
قيد الرهان السياسي لليبيا. أو الرضا الإنساني للكفيل في الخليج، أو الشيخ الفلاني
في سيناء أو الحزب الفلاني في غزة، أو القرصان العلاني في الصومال،ذلك \ما يؤكد إنك ما زلت في الزمن العربي الصعب، زمن
الكبريت والفحم والبترول، حيث يمر صاحب الجواز المدجج بالطائر القبيح(ليس قبيحا في
الأساس) من أمامك ومن بين يديك ومن خلفك، وانت ما تزال تنتظر أن تثبت عظامك حسن
نواياها، وإنها لن تتحول إلى أدوات انقلاب في يوم ما.
أن تحتاج إلى
وطنك العربي ذراعا أو رأسا، هلالا أو مغربا أو خليجا، يعني أن تقف عشرين ساعة على
الحدود التي أقنعوك بها لتثبت انك مؤتمن. ويصدقوا انك أنت.
هل جربت أن
تكون فلسطينيا في خارج الجغرافيا
الفلسطينية؟
هل احتجزت على أي من الحدود أو المطارات لاك
فلسطيني بينما يمر شقيقك العربي معززا مكرما، هل ضربك أفراد جهاز امني لسوء فهم
بينك وبين أفراده، هل عرفت معنى أن تكون فلسطينيا في الوطن العربي؟
عندما تأتي إلى
الاستراحة المتعبة في الغور الفلسطيني أو في مطار في العالم، أو تعبر الجسور
والمطارات .لا تخبرني بما تشعر فأنا جربت كيف يعيش الفلسطيني وكيف يموت حيا في
الوطن الصغير والكبير
هل جربت أن
تكون سوريا في الوطن العربي؟
أن تحمل وثائق
وألواح أوغاريت إلى الدنيا ثم تتهم بأنك ضد نظام الممانعة العربي ومع سايكس بيكو ثم
تسكن مخيم الزعتري لان المثقف والسياسي والدموي العربي انقسم إلى مؤيد ومعارض
للثورة.
أن تمر بسجن المزة لانك أصبت بانتقادك شرطي مرور ،ثم
يصنعون لك من الشبيحة ما يفقأ إحدى عينيك كي تسبح بحمد الدكتاتور الذي لم
يفقأ لك الأخرى،.وبعد ذلك تتهم انك إرهابي وانت تقتل نفسك بان تنفجر.
يعني أن يبيعك الإمام على بساط الريح .ثم يخبئ
عرش بلقيس لأنها أعظم منه..ويملأ ممالك العرب القديمة بالقات والطاغوت حتى لا
تتحرك لأن امة فيها حضارات اليمن وعزم العراق ومثابرة سوريا وقداسة فلسطين هي أمة يخشى
أن تتحرك ولو تحركت لغيرت الكثير.
لقد تعودت أن
أغير عاداتي.. لأبقى على قيد الأمل
في الزمن العربي الصعب، صنعت هدنة طويلة مع الإحباط اليومي والضجر وخيبات الأمل
اللذان يحولا كل شيء.. لقنابل موقوتة بي وان اعرف أن الأمل حرفة شاقة جدا.
أفكر الآن
بعشوائيات القلب، أن أجعلها من إسمنت بدل الصفيح الساخن، وهكذا من أجل أن أصمد أكثر
عند الحدود العربية وفي المطارات والموانئ، وفي القرن العربي المحذوف من التاريخ.
لا تكن
عربيا في المطارات والنقاط الحدودية العربية، كن أي شيء، طير يمام، قطة مسالمة،
أجنبيا من جزر المحيط الهادي، أي جواز سفر لا ينتمي للجامعة العربية ستتم معاملته
أفضل منك.
تعليقات
إرسال تعليق