سيد الشوك والندى

لِساعِدَيْكَ ارْتِجالٌ، والهَوى صَعْبُ
 
وَفي دُروبِكَ خَطْبٌ دونَهُ خَطبُ
  
وَفي دِيارِكَ سَجْنٌ حَوْلَه أَبَدًا
 
سَجْنٌ، وَعَنْ جانِبَيْهِ الَمْوتُ والرُّعْبُ
  
وَللرِّجالِ ارْتجالٌ بالذَّي ابْتَكروا
 
وَأْنتَ للصّادِقينَ: الجَرْحُ والطِّبُّ
  
هذا الَمقامُ مَقامُ الصّابِرينَ، وَلا
 
مَقامَ إلاَّ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ ما هَبّوا
  
شَعْبٌ يُقاتِلُ بالأَمْعاءِ آسِرَهُ
 
وَلَيْسَ يَنْصُرُهُ شَرْقٌ ولا غَرْبُ
  
وَرُبَّما خَذَلَتْهُ أُمَّةٌ غَفِلتْ
 
بِأَنَّه في الأَعالي الطَّيْرُ والسِّرْبُ
  
ما كُنْتُ أَعْلمُ أنَّ العَزْمَ في بَدَنٍ
 
يَقومُ يَصْنَعُ ما لا تَصْنَعُ الحَرْبُ
  
حتَّى قَرَأْتُ بِكَفِّ الصَّبْرِ أُغْنِيَةً
 
أَرْخَتْ جَدائِلَها، واللَّيلُ مُنَصُّب
  
أَخْجَلْتَ زُخْرُفَهُمْ لِلْقَوْلِ إذْ طَمِعوا
 
وَهْماً بِأنَّ الَمنايا أَقْبَلتْ تَحْبو
  
كأَنَّكَ النَّسْرُ في أَعْلى مَعارِجِهِ
 
وَقدْ مَضَتْ تتلاشى حَوْلَهُ السُّحْبُ
  
*    *   *
وفي عُيونِكَ تَوْقٌ للحَياةِ، وَمِنْ
 
زَنْدَيْكَ صَحْبٌ إذا ما قّصَّر َالصَّحْبُ
  
أَتْقَنْتَ مَعْرِفَةَ الآفاتِ، مُعْتَزِلًا
 
إلا ابْتِسامَكَ، لوْلا عَزْمُكَ الرَّحْبُ
  
تُقَلِّبُ الكَفَّ تَفْكيرًا بِفُرْقَتِنا
 
وَقَدْ تَفَرَّقَ مِنَّا العّيْنُ والهُدْبُ
  
وَقَدْ غَفِلنا زَمانًا عَنْ مَشارِبنا
 
ثُمَّ انْتَبَهنا؛ فَلا أَكْلٌ وَلا شُرْبُ
  
وَقَدْ رَقَصْنا كَثيرًا عِنْدَ سَكْرَتِنا
 
وَما انْتَبَهْنا؛ وَقَدْ أَزْرى بِنا الخَطْبُ
  
تَناعَقَ البومُ في أَشْجارِنا، وَمَضى
 
لَأَرْذَلِ الطَّيْرِ في أَجْوائِنا عُجْبُ
  
وَأَنْتَ تَجْمَعُنا رَغْمَ الّذي اْقَتَرَفَتْ
 
أَحْلافُنا، والنَّوى مِنْ دَأْبِهِمْ دَأْبُ
  

قالوا :لَقَدْ فَرَّق الطاغوتُ إخوتنا
 
في كلِّ ناحِيَةٍ في طُهْرِها الذَّنْبُ
  
فَقُلْتَ : يا ربُّ، واجْمَعْهُم عَلى وَجَعي
 
وَفي دَمي، لا دِماءِ القَوْمِ يا رَبُّ
  
*    *   *
يا سيِّدَ الجُوعِ، صارَ الجُوعُ مَفْخَرَةً
 
للصّابِرينَ، وَأَنْتَ الصّابِرُ الصَّلْبُ
  
أَنْتَ الُمعيدُ لهذي الأرضِ رَوْنِقها
 
مِنْ بَعْدِ ما انْطَفَأَتْ واللَّيْلُ مُنْكَبُّ
  
فاضْرِبْ بِعَزْمِكَ مَهْما أظْلَموا أَلَقًا
 
مِثْلَ النُّجومِ، وَلكِنْ أَنْتَ لا تَخْبو
  
واطْرُقْ معاقِلَ قَوْمٍ نامَ حارِسُهُمْ
 
فَأَحْدَثَ النَّومُ ما لا يُحْدِثُ السَّلْبُ
  
قَدْ أَعْلَنَ الذَّئْبُ أنَّ الأَمْرَ في يَدِهِ
 
والأَمْرُ أَمْرُكَ لا ما أَعْلَنَ الذِّئْبُ
  
فامْسَحْ بِكَفَّيْكَ مَهْما كانَ مُمحِلُنا
 
يأْتي عَلى عَجَلٍ مِنْ كَفِّكَ الخِصْبُ
  
مُرْ كُلَّ مَكْرُمَةٍ تَأْتيكَ طائِعَةً
 
وَهَلْ لَها دُونَ أنْ تَأتيكَ أنْ تَصْبو
  

وَعَلِّمِ الِمْلَح أنَّ البّحْرَ يَجْعَلُهُ
 
بَحْرًا، مُلوحَتُهُ، لا ماؤُه العَذْبُ
  
خُذْ بالنُّفوسِ التّي أَطْلَقْتَ مارِدها
 
مِنْ بَعْدِ أَسْرٍ، فَبَعْدَ الآنَ لنْ تَكْبو
  
خُذْ بالقُلوبِ إلى أَقْصى مَدارِكِها
 
وَسابِقِ الدَّرْبَ حتّى يَقْصُرَ الدَّرْبُ
  
.وَأَخْبِرِ القَوْمَ أنَّ الجُوعَ مُنْتِصفٌ
 
وَعَلِّمِ القَهْرَ ماذا يَصْنَعِ الحُبُّ


  

تعليقات