1- تتحدث عن التنظير الاكاديمي
والسياسي الفلسطيني فيما يتعلق بالقوة الناعمة، هل مزيد لذلك؟
بدأ التظير الأكاديمي والسياسي للقوة الناعمة مع طروحات
جوزيف ناي عام 1990م، ثم تأصل المفهوم وانتشر عالميا بصدور كتابه عام 2004م، وقد تلقفته
مراكز الأبحاث وصناع السياسة والأكاديميون، وبدأت الكتب والأبحاث تتوالى، ثم انجز
مقياس القوة الناعمة عالميا وبدأ تصنيف الدول وفق المقياس فكانت امريكا في المركز
الثالث.
للاسف فان مفهوم القوة الناهمة عربيا ما يزال مختصرا في
البراغماتية والدبلوماسية فقط ولاشيء غير، وبالطبع فان الدبلوماسية هي اداة من
ادوات القوة الناعمة فقط، في هذا المجال
سبقنا عدونا أيضا، فقد استفاد من القوة الناعمة في الوصل الى
العالم لدرجة ان هناك من لا يعلم بوجود شعب فلسطيني تحت الاحتلال ويظن ان اسرائيل
موجودة منذ مئات السنين، وهذا ما حدث مع زائر مسلم من اوزباكستان، عقدت المؤتمرات
وانجزت الابحاث الإسرائيلية حول محورين أساسيين، هما تعظيم القوة الناعمة الإسرائيلية،
ومواجهة القوة الناعمة الفلسطينية والمطالبة باعتلارها خطرا وجوديا على الدولة العبرية وكان احد مؤتمرات
هرتسيلياحول مناهضة القوة الناعمة الفلسطينية .
احتاجت القيادة الفلسطينية في مراحل ما بعد اوسلو إلى وسائل متجددة ومبتكرة، ومتوافقة مع القانون
الدولي للحفاظ على المدينة المقدسة، ومواجهة عمليات التهويد والأسرلة الاحتلالية،
فبدأ التنظير الأكاديمي والسياسي لاستخدام القوة الناعمة وخصوصاً مع صعود حركة
المقاطعة الدولية لإسرائيل لكن ذلك لم يتجاوز الطروحات الجزئية من افكار المقاومة
السلمية، والعلاقات العامة، وقد أنجز قرار اليونسكو مؤخرا الذي يقضي بحق المسلمين
فقط في الحرم الشريف، لكن ذلك لم يتحول الى إستراتيجية وطنية فعالة ومتكاملة، لقد
بقي ضمن الجزئيات فقط، مناورات ومحاولات، وبقي المواطن الذي هو عصب القوة الناعمة
والخشنة مغيبا.
للاسف فان التنظير والفعل الفلسطيني حول فروع ومحاور واستراتيجيات القوة الناعمة في الواقع
الفلسطيني ما يزال مفقودا عدا بعض المقالات المنشورة في الصحف، اما في الجامعات
ومراكز الابحاث وعلى مستوى الدراسات العليا فما زال عشرات الاساتذة بدرجة
الدكتوراة يجهلون المصطلح اساسا وان وجد بعضهم فيقرنه بالمقاومة الشعبية او اللاعنف
او الدبلوماسية والتفاوض.
2-
هل يوجد مقاومة ناعمة مقدسية، وما اشكالها؟
بالتأكيد، على المستوى الجزئي، ولولا المقاومة الناعمة
لما بقي لنا شيء في القدس، فقد حقق الراحل فيصل الحسيني اختراقا على ما زلنا نشعر
به وهو بيت الشرق ومؤسساته والدبلوماسيين الذين تربوا فيه، وقد شعر الإسرائيليون
بخطره فمنعوه بالقوة الخشنة، لكن ذلك لا يعني العجز، فالرصيد المقدسي ما يزال
ثريا، هناك عشرات المجالات التي تمارس القوة الناعمة، فالقطاع الصحي في القدس ما
يزال يحقق الصمود والانجاز ويحمل معه اسم
فلسطين والقد إلى العالم ويستقبل الوفود،، والقطاع الثقافي مع بؤسه لكنه ما يزال
يحاول، فهناك أسماء مثل ندوة اليوم السابع والحكواتي، وهناك مراكز شبابية، والقطاع
الديني لكن ذلك لا يشكل الا نسبة بسيطوة جدا من الحاجة للقوة، ومن الذي يجب ان
يكون ليحقق الفوز، القدس تحتاج إلى إستراتيجية موحدة لها من ينفذها نيابة عن
الرئيس مباشرة بصلاحيات موسعة وقوية، اعتقد انالقوة الناعمة دائمة موجودة وكامنة
لكن مثل اي قوة تحتاج الى ادارة، نحن نملك القوة الناعمة مقدسيا لكننا نفقط
ادارتها. والخطير ان يتم توجيهها ضدنا في يوم من الايام.
3- ما هي الاشكالات التي تحول دون
الوصول إلى خطة واضحة أو إستراتيجية فاعلة
فلسطينية متعلقة بالقوة الناعمة مع
التركيز على القدس؟
أول الإشكالات هو عدم الوعي الكافي بوجود خطة إسرائيلية
إستراتيجية متكاملة لمناهضة القوة الناعمة الفلسطينية، وان كانت كامنة، هذه الخطة
تطبق يوميا وعلى مستوى ديوان رئيس الوزراء، وقد تم تعزيزها لموجهة حركة المقاطعة BDS، فإسرائيل ترى أن القوة الصلبة قد لا تقدم حلولاً
نهائية للصراع ، لذلك قدمت مشاريع ذات ملامح ناعمة لاحتواء الصراع وإدارته، ونزع
قضية القدس من إطارها الإحتلالي، وذلك قد بدأ بتحويل ملف أي طفل معتقل من
المقدسيين إلى يد بلدية الاحتلال للبحث عن مخالفات أو ديون متراكمة، في سعي ناعم
لتحويل السلطة الأبوية إلى جهاز تابع للشرطة، ثم نزع خطاب التسييس المقدسي وتحويله
إلى خطاب حقوقي عبر محامين أو مفكرين أو سياسيين أو ناشطين، ثم تأطيره بإطار حقوقي
إنساني فردي حده الأعلى تحسين ظروف الحياة ومحاربة التمييز
كما ان الاشكالية الاخرى هو عدم تبني القوة الناعمة
كاستراتيجية مؤسساتية على مستوى الرئاسة الفلسطينية ورئاسة الوزراء، لكي يتم
تفريعها على باقي القطاعات، ما زالت القدس تتوزع بين خمس قوى على الأقل امام قوة
الاحتلال العاتية، وما زال نظام المحاصصة يسيطر على المؤسسات والقطاعات، بعض
المؤسسات والجمعيات لم تجر انتخابات منذ عقود وتقوم بالتجددي الداخلي، كثير من المؤسسات
عائلية أو شبه عائلية، يشيع كثيرا ان تسمع ام منصب كذا هو من حق العائلة الفلانية
تتوارثه كابرا عن كابرا، القوة الناعمة الفعالة لا تدار إلا بكفاءات محترفة ولا
تترك لاجتهادات، لان ضرورات المواجهة لا تضعنا إلا أمام عدو له اعتماده الهائل على
العلم والبحث العلمي فيما لا يتجاز إنفاقنا على البحث العلمي اقل من 0.2% من الدخل
القومي.
يضاف الى الاشكاليات ان الوعي بالقوة الناعمة الشاملة ما
يزال غائبا، ولا يشيع حتى الآن انه مفهوم شامل تندرج تحته الاشكال المختلفة من
اللاعنف والمقامومة الشعبية والقانونية
والديبلوماسية، ولا يناقض النضال التاريخي، وان وجب ان لا يناهض اي منهما
الاخرى بالتنسيق او مراعاة الضرورات والاولويات, وتوزيع الأدوار بعيد عن المحاصصات، لا توجد برامج سياسية او
اكاديمية او مشاريع او مراكز ابحاث او مبادرات شاملة على المستوى الاستراتيجي
تتبنى القوة الناعمة بمفهومها الشامل .
4- ما هو واقع المقاومة الناعمة فلسطينيا ؟
هناك قوة ناعمة فلسطينية كامنة تخيف العدو، الذي أعلن أنها
خطر وجودي على الدولة الاسرائيلية، هناك مقومات كثيرة لتفعيلها واستثمارها، هناك
قوة بشرية تستطيع التنفيذ وقانون دولي يرعى تنفيذه ويضمن مسيره، هناك الاف
المناصرين حول العالم من الافراد والدول والجماعات والأحزاب والمؤسسات الداعمين
لفكرة ولإستراتيجية القوة الناعمة وأدواتها، لكن على المستوى الواقعي هناك محاولات
وانجازات متفرقة، هناك محاور نشطة مثل المحور الرياضي، والديبلوماسي ولو جزئيا،
هناك تجاهل تام لمحور غاية في الاهمية وهو البحث العلمي، والمحور الثقافي الذي
يستطيع أن يحقق انجازات هائلة، هناك حاجة ماسة وكبرى ذات أولوية لصياغة إستراتيجية
وطنية، وتوحيد الجهود جميعها وفق أهداف مرحلية وأهداف إستراتيجية، يجب أن يكون
هناك ادارة واضحة المعالم على مستوى الرئاسة بموازااة ادارة القوة الناعمة
الاسرائيلية التي تتبع ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي، الجهود الفردية مباركة
لكنها لا تدوم، وقد تتلاشى أمام التحديات. الاستراتيجيات الجادة التي ينطوي تحتها
الجميع وترفدها الجهود وتعمل المؤسسات والوزارات ضمن اطارها هي التني تحقق غرضا.
نشر جانب من هذه المقابلة في موقع الجزيرة نت
http://www.aljazeera.net/news/alquds/2017/5/4/%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%B9%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3
تعليقات
إرسال تعليق