-
صدر
لك مؤخرًا رواية بعنوان "الرقص الوثني".حدثنا عن فضاءات الرواية ودوافع
كتابتك لها واختيارك لمسألة الوجود الإسرائيلي لمقاربتها من خلال عملك الروائي.( الإعلامية حنان عقيل)
رواية الرقص الوثني هي
روايتي الثانية بعد رواية "امرأة اسمها العاصمة، صدرت عام 2017م عن دار
فضاءات للنشر والتوزيع في عمان/ الأردن، وهي الخامسة في مجمل أعمالي المنشورة.
رواية الرقص الوثني تتكون في
فضاء متسع، مشتبك، مكثف، غير ودود، مستفز، ملتهب، ومتسارع، تلعب فيه الشخصيات
المتنوعة من يهود وعرب، بكافة المكونات من أشكناز وسفارديم وعلمانيين، ومسلمين
ومسيحيين ودروز وغيرهم، في مسرح فلسطين التاريخية المحتلة، بكافة مناخاتها التي قد
نجتهد ونطلق عليها، المحتلة عام 1948م وتلك التي استكمل احتلالها عام 1968م، بمدنها
ومخيماتها أو فلسطين الانتدابية كما اصطلح عدد من الباحثين. زمن الرواية بين عامي
2014 و 2016م، بينما يمتد الزمن الداخلي عودة الى عام 1948م، حيث نسي اللاجئون أولادهم
في حمام الدم، الذي قصد منه المحتل محو أهل البلاد، وانشاء شعب جديد، في عملية
اختلاق دولة الجديدة، على غرار الدولة القديمة المختلقة، كما قال عنها المؤرخ الإسرائيلي
إسرائيل شاحاك.
دافع العمل الإبداعي هو
الجمال بالمقام الأول، ثم رواية الرواية الخاصة أمام الرواية المتغوِّلَة التي
يروج لها النقيض المعادي.الرقص الوثني تروي من عقر مقر الآخر المحتل، وعلى لسانه
كيف يحكم الجنرالات، وكيف تمحى الشعوب، وتسحق الذاكرة، وتقام الجدران لتفصل بين أرض
وأرض، بشر وبشر، تتحدث عن كولونيالية مستمرة مدعومة بخطط وميزانيات هائلة، تجند الأكاديمي
والديني والأسطوري والتاريخي، تقدم التأويل وتنقض كل تأويل يخالفها بكل قوة،
الدافع الاخر لكتابة الرقص
الوثني هو المساهمة الحضارية في الأدب، الرواية خصوصا. أزعم أننا ما زلنا أسرى إشكاليات
تبعدنا عن كتابة رواية فلسطينية الهوية، فلسطينية الثيمة والمعضلات، أولها أننا
مازلنا نرى أننا أبطال أسطوريون خارقون، لا يوجد لدينا مشكلات، حتى أبطالنا
الروائيون معقمون، مطهرون، في الرقص الوثني تجد الانسان العادي، العربي واليهودي،
الأرمني والدرزي ومن أية قومية أو أصول، يتصرفون على طبيعتهم، يخطئون، يضعفون،
ينقضون عهودهم، يحب العربي امرأة يهودية ثم ينبري للدفاع عن أبناء بلده ضد
المستوطنين، يبيع التاجر ألأرمني القطع الأثرية
ثم يرفض بيع بيته للجمعيات الاستيطانية، وهكذا.
الشيء الاخير الذي وودت قوله
هو أننا ما زلنا في وعينا العميق، وفي منتجنا الفني نتعامل مع إسرائيل التي عرفناها
عام 1948م، أعتقد أن اسرائيل المعاصرة مختلفة تماما، انتهى عصر الاباء المؤسسين
للكيان، وهناك معادلات مختلفة وجديدة طرأت، إسرائيل الجديدة اكثر عنفا ونعومة
وتغولا، ويمنيية، إسرائيل اليوم أكثر تمددا ونفوذا، وطموحا، الخطير هو أننا ما
زلنا لا نعرف عن اسرائيل إلا القليل، وكاننا نتعامل مع ظل الشيء، لا الشيء بذاته.
في النهاية، يتناول
الروائيون العرب شخصية اليهودي والإسرائيلي والصهيوني، بعضهم يتناولها بعدائية
كأنه يريد الانتقام روائيا، فيفشل فنيا، بعضهم يغازل اليهودي وعينه على الجوائز،
أزعم أن الرقص الوثني نجحت في تناول الشخصيات الإسرائيلية بحياد فني، بكافة يهودها
من يمنيين وأكاديميين ومتدينين وعلمانيين وحقوقيين وأمنيين، قدمتهم لقراء ومثقفين
ونقاد، كثير منهم عايشوا مثالا قريبا، لواحدة او أكثر من هذه الشخصيات.
اعتقد أيضا أن الرقص
الوثني قد حققت عناصر العمل الإبداعي؛ من حيث الدهشة التي خلقتها، ومن حيث الفضاء
الجريء والمشتبك الذي نسجته، بالإضافة إلى أنها تستطيع أن تحمل اسم الرواية
الفلسطينية بكل اعتزاز.
تعليقات
إرسال تعليق