بين أثر الفراشة، والآيس كريم، ونوبل للسلام
إياد شماسنة\شاعر وروائي فلسطيني
إياد شماسنة\شاعر وروائي فلسطيني
تشتهر حركات التحرر في كل مكان من العالم برموزها وأيقوناتها التي تتخذها ملهما، تضفي عليها جمالا وقداسة، تتبدل أو تتطور الأيقونات والرموز وقد تتوالد أو تتحول بما تمتلك من طاقة كامنة، تهرم وتسقط حسب المرحلة التي مر بها الوطن أو حركة التحرر، او بظهور أيقونة أكثر طغيانا في الألق والتأثيروالانتشار.
الشأن الفلسطيني؛ بثوراته القديمة والمستمرة والحالية حالة تجددت، وتكونت، ومات فيها الكثير من الرموز. تحول اسم ورمز الفدائي من بطل المقاومة الذي يذهب الى القتال ولا يعود، إلى مجرد اسم لمنتخب كرة القدم. أصبحت #الكوفية الفلسطينية الشهيرة زيا ترفيهيا يشتريه السياح بالألوان المختلفة من أحمر وأزرق وأصفر وأخضر، استغلتها عارضات أزياء محسوبات على الاحتلال أو مواليات له بشكل سيء. لا ننسى موجات الحداثة التي انتجت أزياء حديثة من الاثواب الفلسطينية التقليدي، مع مخالفة تقنية وفنية وتراثية صريحة أثارت جدلا في تحويلات الزي والثوب النسائي خاصة من محتشم الى عاري الاكتاف أو قصير ومرتفع إلى ما فوق الركبة، مما حدا بالمثقفين إلى التحذير من ذلك وآخرهم الفنان الفوتوغرافي المختص بالشأن الفلسطيني أسامة السلوادي.
مؤخرا، التقطت ناريمان التميمي فيديو يصور ابنتها الشابة عهد التميمي من قرية النبي صالح وهي تصفع بيديها جنديا اسرائيليا؛ في محاولة صرفه عن بيتهم في القرية الذي يستخدمه الاحتلال منصة لقنص المتظاهرين. انتشر الفيديو بشكل فيروسي، أحرج قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، فألقت قوة مدججة بالسلاح القبض عليها وعلى ابنة عمها ووالدتها في منتصف الليل.
انتشر الخبر مرة أخرى، قامت حملات التضامن المحلية ثم الدولية، اتخذت من بطولة عهد ايقونة نضالية، ثم تكاتفت عناصر خلق الايقونة، فمع أن عهد ما تزال طفلة الا أن متضامنين في مؤتمر "فلسطين إلى أين؟؟" الذي نظمته الجامعة الامريكية في فلسطين قبل شهر؛ دعوا إلى ترشيحها لجائزة نوبل للسلام.
كثير من المناضلات صنعت ما صنعته #عهد، ومنهن عديد يقبعن في سجون الاختلال مثل الأسيرة إسراء جعابيص وغيرها، إضافة الى ما ارتقى منهن شهداء مثل الشهيدة المسعفة رزان النجار. إلا أن خصوصية وحالة التميمي جعل منها أيقونة حقيقية بامتياز ومنحها ألق الرمز المشرق، تغنى باسمها الفلسطينيون في كل مناسبة، مثلما تغنوا وما زالوا يغنون باسم دلال المغربي منفذة وقائد عملية الباص في تل ابيب، مع ان المقارنة قد تكون مزعجة لبعض القراء، لكن الانزعاج سمة دائمة تجاه كل مستجد.
ان اثر الفراشة الذي صنعه الفيديو، لم يكن من نوايا ناريمان التميمي: الأم، التي صوّرت واعتقلت مع عهد وأفرج عنها بعد ذلك، ولا من نوايا المتظاهرين السلميين ضد الجدار في قرية #النبي_صالح، ولا من صناعة أنصار #المقاومة_الشعبية، ولا من إرادة انصار #حقوق_الانسان في فلسطين، انها الحاجة للرمز في زمن سقوط الرموز، رمز عفوي طفولي جريء بريء قوي نقي، من أوساط الناس العاديين، يحقق طموحات المناصرين من حيث المظهر واللباس، والسن، والحلة النضالية؛ إضافة إلى أنها أنثى، لقد اجتمع لها في لحظة الفعل ما لم يجتمع لغيرها من الفتيات المناضلات ممن يقبعن في الأسر أو ارتقين شهيدات. لقد بدأ أثر الفراشة في لحظة عفوية، تقاطعت تماما مع الحاجة اليها بحيث اغلق الباب على كثير مما يحدث موازيا من احداث في فلسطين.
انتشرت صور عهد التميمي في الشوارع والمدن المحلية والعالمية، أصبحت ايقونة حية متجسدة، لم تسع الى ذلك فعليا، لكن القوة الكامنة التي يمنحها إياها الانتشار الهائل جعلها أمام خيار محدود للحفاظ على الرمز واستثماره لصالح القضية، أزعج ذلك المحتل بشدة مما جعلها لا يرى.
كان صفع الجندي سيمر ؛ لولا انتشار الفيديو الذي حطم امام العالم أسطورة جندي لا يقهر وأحرج قادته امام قومهم وناخبيهم، هنا صعد الرمز عاليا، كان الاعتقال الليلي الفاره؛ قوة إعادة تفعيل جديدة للرمز، فقد كان لعهد أكثر من فيديو وهي تتحدى الجنود وتواجههم، لكن اللحظات تلك لم تنل فرصة الانتشار، لأنها لم تكن مواتية لخلق الايقونة،
إن تعنت السجان والقاضي الذي أودع التميمي في المعتقل، أجج حملات الدعم والمناصرة، فاكتملت العناصر، لقد انبرى من ساندها الى تخليد الرمز بالصورة والرسم والاغنية.
مؤخرا؛ قام فنانان ايطاليان برسم جدارية عملاقة لعهد التميمي، مجاورة لجدارية أخرى للشهيدة رزان المغربي، على جدار الفصل العنصري في #بيت_لحم. كان الفنانان مقنعين تقليدا لأسطورة فنان الجرافيتي العالمي؛ مجهول الهوية، الذي يعرف بالاسم المستعار "#بانكسي"، وهو مناصر للقضية الفلسطينية، مرة أخرى تعنت المحتل فاعتقل الفنانين مع متطوع فلسطينيي مناصر بعد انتشار صور مشروعهما الفني في وسائط التواصل الاجتماعي، اعتقلهما؛ ليعلن لاحقا عن هوية أحدهم؛ وهو رسام الشوارع الإيطالي #يوريت_أغوش.
لقد اختلف الكثيرون حول رمزية عهد، ثار جدل واسع حول أحقية التميمي الشقراء، غير المحجبة، الجريئة، الجميلة والصغيرة؛ بالأيقونية. وكأن الخيار لها، وكأنها من قررت أن تكون ايقونة نضالية تلقفها الناس!! لكنها خرجت من الاعتقال مهددة باعتقال إداري آخر في أية لحظة، خصوصا ان المحتل صنفها "خطرة" على أمن #إسرائيل، رغم ذلك؛ ذهبت بعفويتها إلى التهام الآيس كريم بعد الإفراج عنها يوم 29/7/20108، في رد ناعم جدا وقوي جدا على محتل، كان ذلك صفعة أخرى ضمن اكتمال عناصر أيقونة عهد الرمزية التي تتوالد وتخدمها الظروف، فأي فتاة تهرع الى التهام الآيس كريم وتشكل خطرا على أمن دولة في أحدث تقنياتها العسكرية وتأثيرها العالمي!!
الشأن الفلسطيني؛ بثوراته القديمة والمستمرة والحالية حالة تجددت، وتكونت، ومات فيها الكثير من الرموز. تحول اسم ورمز الفدائي من بطل المقاومة الذي يذهب الى القتال ولا يعود، إلى مجرد اسم لمنتخب كرة القدم. أصبحت #الكوفية الفلسطينية الشهيرة زيا ترفيهيا يشتريه السياح بالألوان المختلفة من أحمر وأزرق وأصفر وأخضر، استغلتها عارضات أزياء محسوبات على الاحتلال أو مواليات له بشكل سيء. لا ننسى موجات الحداثة التي انتجت أزياء حديثة من الاثواب الفلسطينية التقليدي، مع مخالفة تقنية وفنية وتراثية صريحة أثارت جدلا في تحويلات الزي والثوب النسائي خاصة من محتشم الى عاري الاكتاف أو قصير ومرتفع إلى ما فوق الركبة، مما حدا بالمثقفين إلى التحذير من ذلك وآخرهم الفنان الفوتوغرافي المختص بالشأن الفلسطيني أسامة السلوادي.
مؤخرا، التقطت ناريمان التميمي فيديو يصور ابنتها الشابة عهد التميمي من قرية النبي صالح وهي تصفع بيديها جنديا اسرائيليا؛ في محاولة صرفه عن بيتهم في القرية الذي يستخدمه الاحتلال منصة لقنص المتظاهرين. انتشر الفيديو بشكل فيروسي، أحرج قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، فألقت قوة مدججة بالسلاح القبض عليها وعلى ابنة عمها ووالدتها في منتصف الليل.
انتشر الخبر مرة أخرى، قامت حملات التضامن المحلية ثم الدولية، اتخذت من بطولة عهد ايقونة نضالية، ثم تكاتفت عناصر خلق الايقونة، فمع أن عهد ما تزال طفلة الا أن متضامنين في مؤتمر "فلسطين إلى أين؟؟" الذي نظمته الجامعة الامريكية في فلسطين قبل شهر؛ دعوا إلى ترشيحها لجائزة نوبل للسلام.
كثير من المناضلات صنعت ما صنعته #عهد، ومنهن عديد يقبعن في سجون الاختلال مثل الأسيرة إسراء جعابيص وغيرها، إضافة الى ما ارتقى منهن شهداء مثل الشهيدة المسعفة رزان النجار. إلا أن خصوصية وحالة التميمي جعل منها أيقونة حقيقية بامتياز ومنحها ألق الرمز المشرق، تغنى باسمها الفلسطينيون في كل مناسبة، مثلما تغنوا وما زالوا يغنون باسم دلال المغربي منفذة وقائد عملية الباص في تل ابيب، مع ان المقارنة قد تكون مزعجة لبعض القراء، لكن الانزعاج سمة دائمة تجاه كل مستجد.
ان اثر الفراشة الذي صنعه الفيديو، لم يكن من نوايا ناريمان التميمي: الأم، التي صوّرت واعتقلت مع عهد وأفرج عنها بعد ذلك، ولا من نوايا المتظاهرين السلميين ضد الجدار في قرية #النبي_صالح، ولا من صناعة أنصار #المقاومة_الشعبية، ولا من إرادة انصار #حقوق_الانسان في فلسطين، انها الحاجة للرمز في زمن سقوط الرموز، رمز عفوي طفولي جريء بريء قوي نقي، من أوساط الناس العاديين، يحقق طموحات المناصرين من حيث المظهر واللباس، والسن، والحلة النضالية؛ إضافة إلى أنها أنثى، لقد اجتمع لها في لحظة الفعل ما لم يجتمع لغيرها من الفتيات المناضلات ممن يقبعن في الأسر أو ارتقين شهيدات. لقد بدأ أثر الفراشة في لحظة عفوية، تقاطعت تماما مع الحاجة اليها بحيث اغلق الباب على كثير مما يحدث موازيا من احداث في فلسطين.
انتشرت صور عهد التميمي في الشوارع والمدن المحلية والعالمية، أصبحت ايقونة حية متجسدة، لم تسع الى ذلك فعليا، لكن القوة الكامنة التي يمنحها إياها الانتشار الهائل جعلها أمام خيار محدود للحفاظ على الرمز واستثماره لصالح القضية، أزعج ذلك المحتل بشدة مما جعلها لا يرى.
كان صفع الجندي سيمر ؛ لولا انتشار الفيديو الذي حطم امام العالم أسطورة جندي لا يقهر وأحرج قادته امام قومهم وناخبيهم، هنا صعد الرمز عاليا، كان الاعتقال الليلي الفاره؛ قوة إعادة تفعيل جديدة للرمز، فقد كان لعهد أكثر من فيديو وهي تتحدى الجنود وتواجههم، لكن اللحظات تلك لم تنل فرصة الانتشار، لأنها لم تكن مواتية لخلق الايقونة،
إن تعنت السجان والقاضي الذي أودع التميمي في المعتقل، أجج حملات الدعم والمناصرة، فاكتملت العناصر، لقد انبرى من ساندها الى تخليد الرمز بالصورة والرسم والاغنية.
مؤخرا؛ قام فنانان ايطاليان برسم جدارية عملاقة لعهد التميمي، مجاورة لجدارية أخرى للشهيدة رزان المغربي، على جدار الفصل العنصري في #بيت_لحم. كان الفنانان مقنعين تقليدا لأسطورة فنان الجرافيتي العالمي؛ مجهول الهوية، الذي يعرف بالاسم المستعار "#بانكسي"، وهو مناصر للقضية الفلسطينية، مرة أخرى تعنت المحتل فاعتقل الفنانين مع متطوع فلسطينيي مناصر بعد انتشار صور مشروعهما الفني في وسائط التواصل الاجتماعي، اعتقلهما؛ ليعلن لاحقا عن هوية أحدهم؛ وهو رسام الشوارع الإيطالي #يوريت_أغوش.
لقد اختلف الكثيرون حول رمزية عهد، ثار جدل واسع حول أحقية التميمي الشقراء، غير المحجبة، الجريئة، الجميلة والصغيرة؛ بالأيقونية. وكأن الخيار لها، وكأنها من قررت أن تكون ايقونة نضالية تلقفها الناس!! لكنها خرجت من الاعتقال مهددة باعتقال إداري آخر في أية لحظة، خصوصا ان المحتل صنفها "خطرة" على أمن #إسرائيل، رغم ذلك؛ ذهبت بعفويتها إلى التهام الآيس كريم بعد الإفراج عنها يوم 29/7/20108، في رد ناعم جدا وقوي جدا على محتل، كان ذلك صفعة أخرى ضمن اكتمال عناصر أيقونة عهد الرمزية التي تتوالد وتخدمها الظروف، فأي فتاة تهرع الى التهام الآيس كريم وتشكل خطرا على أمن دولة في أحدث تقنياتها العسكرية وتأثيرها العالمي!!
تعليقات
إرسال تعليق