التخطي إلى المحتوى الرئيسي

معنى أن تكون فلسطينيا



أن تكون فلسطينيا؛ يعني أن تكون فائق القوة والقدرة والاحتمال، أن تمتلك مرونة الرجل المطّاطي، وقوة سوبر مان، وخفة الرجل العنكبوت، ودهاء الرجل الوطواط، ولديك خواتم ثانوس الجبار، تقدمت وبما شركة مارفيل السينمائية لإنتاج خارق جديد يسيطر على مفاتيح القوة والصمود، ضمن سلسلتها الخرافية " رجال إكس" وذلك لما كنت تطوره من مهارات وأدوات في رحلتك العجيبة أمام الجبروت والطغيان والظلمات ومسالك الضياع والشتات.
ستحتاج إلى كل تلك القوى في رحلة صعودك الأسطورية نحو الضوء، وستدفع ثمن أن تكون فلسطيينيا، بأن تنفق على الشركات الكبرى والصغرى؛ القابضة والمنقبضة والمفلسة، عليك كفلسطيني أن تتحدث بثلاث لغات على الأقل “عربية وعبرية، وانجليزية" ومؤخرا تحتاج اللغة التركية إن اردت الرحيل عن قطاع غزة المحاصر الى بلاد العم أردوغان. باختصار، انت محتاج الى محفظة نقود ضخمة بالسترليني والتركي والأمريكية واليورو، بضعة مهن(سبعة عشر على الأقل) تتنقل بها وتملأ سطور سيرتك الذاتية، عدد من اللغات المساندة، ووجه  مبتسم لا يوقفونه في المطارات.
 المال ضروري جدا لتكون فلسطينيا، بضع الالف من الغرامات وفوائد التأخير معونة للاقتصاد المتهالك، فواتير ماء وكهرباء تشتري بها ماء السماء الذي يهطل عليك، وضرائب بأشكال وألوان، ورسوم مغادرة وطنك منه واليه، خمسون ألف معاملة ورقية واليكترونية وشفهية، جواز سفر وتصريح وبطاقة هوية ورخصة مرور، وبطاقة ممغنطة، وضريبة دخول وضريبة مغادرة وغيرها.
عندما تقرر ان تبنى معايير المواطنة الفلسطينية، عليك ان تعرف انه ن يهون عليك مغادرة البلاد، فلديك حكومة تنفق عليها، وعلى وزرائها وقنصلياتها ومن لف لفيفها ، ولديك بلديات ومجالس وهيئات ونقابات ترشدها الى ما هو واجب عليها ، ولديك قيادات  تأمرها بالمعروف وتنهاها عن المنكر، لديك مدارس تبنيها او تعيد بناءها على النفقات الشخصية والتبرعات الداخلية، ومجالس أولياء أمور برئاسة معالي الوزير، بصفته الأب الحنون والرجل الرشيد ، لديك منظمات اهليه تملأ قوائم مشاريعها باسمك وأسماء ابنائك لتجديد ثقة مموليها بها من اجل المزيد من المال،  ولديك جيل كامل وقود لكل المراحل عليك ان ترعاه حتى يحين موعد وصوله الى هدفه الذي يساق اليه.
وعلك مع كل ذلك، وانت الفلسطيني الجميل، الأنيق، صاحب الحق الأبدي في الأرض والوجود، أن تثبت لخصمك السياسي وللاحزاب القومية والإسلامية والاشتراكية المعارضة والممانعة، الموافقة والمساندة، التي تكفر بالبرجوازية العفنة والبطالة الرثة، والتي تنساها أو تعفو عنها أنك فلسطيني، بعضهم يريدونك عروبيا، وبعضهم سوريا وبعضهم شاميا او إسلاميا او سلفيا او عدنانيا او ساميا، وبعضهم يضعك في الدولة العظمى العالمية لأمير المؤمنين الغائب، لا احد يقف بجانبك، لا احد يكف عنك دبابة الاحتلال  او يساعدك في ترقيع بابك المثقوب في الشتاء.
وعليك اليها الفلسطيني المجيد، ان تقف صامدا كالجبل مثل جلجامش العظيم امام محتل غاشم يزعم انك ظل للهواء، انك خفي غير موجود ولم تكن موجودا ، وان الأرض انتظرت رغباته الفي عام كي يعود، سيحكم انك محض هواء وغبار عابر، سيسرق خبزك  ويقول ان قمحه له، ويسرق ثوبك ليلبسه، ويسلب ترابك لدقن موتاه وموتاك الشهداء في ثلاجات البرد والجليد، ويطلب منك مجتمع الدول الحضارية الأنيقة ان لا تكون قويا امام جلادك  ولا عنيفا، عليك ان تكون بالغ الاحترام  فلا تثير غضب المجتمع الدولي  والحكومات العتيدة، ان لا تقض مضاجع اسفلت العالم بضربات حذائك احتجاجا، او عندما تركض نحو طفلك لتحميه من جرعة خوف او زخات رصاص.
ان تكون فلسطينيا؛ يعني ان تناضل العالم نيابة عن العالم، ضد القهر، الذي يتخذ من العهر وسيلة للتغُّول والتمدد والاستحواذ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

موسم النبي روبين في جنوب فلسطين بلدة ومقام النبي روبين عام 1935

حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان

الأولى   فنون حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان  2018-08-01 10:00:00 المصدر: موقع مؤسسة عبد المحسن القطان إياد شماسنة كاتب وشاعر من فلسطين  "أبعاد ذاتية" لمنال ديب في دار إسعاف النشاشيبي بالقدس حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان يستمر المعرض من 27 حزيران وحتى نهاية أيلول، في المبنى الرمادي الغامق على شكل مكعب، أعلى تلة في ضاحية الطيرة التي تتوسع نحو الريف، وتستمر رسالة المؤسسة في التنوير والمساهمة في تكوين وترسيخ ثقافة نقدية فلسطينية، ذاتية للبنية والمشروع السياسي، كما قال عبر الرحمن شبانة أحد القيمين على المعرض. عندما يرتبك المشروع السياسي، أو يغيب الضوء قليلاً عن الأفق الوطني، في ظل متغيرات قاهرة، تتراجع السلطة الحاكمة، تتخلى، أو يتم إجبارها على التخلي عن دورها الخدماتي، ويقتصر على التشريع والدفاع إن وجد، لصالح القطاع الخاص، أو بمشاركة ولو محدودة للقطاع الأهلي. في تلك التحولات؛ تتقدم الثقافة، ناقدة، تنويرية، مثيرة للأسئلة، باحثة عن ال...

رحلة ايفا شتال الى فلسطين عبر مخيم تل الزعتر

" حدود المنفى " (رحلة إيڤا شتّال إلى فلسطين عبر مخيّم تلّ الزعتر) جوتنبرج 14.01.19 أعزائي؛ سميرة وحسن عبادي لقد مر شهرٌ وأكثر منذ عودتنا من فلسطين، وما زلنا لم نستقر بعد. لا يتعلق الأمر بأننا لا نمتلك عائلة كبيرة (إنها لدينا)، والكثير من الأصدقاء (هم لدينا)، أو أن والدتي تبلغ من العمر (ما يقرب من 96 عامًا وتتمتع بصحة جيدة جدًا، ولكنها الآن سقطت وارتطم رأسها)، أو أنه لا توجد فرصة للحديث عن فلسطين؛ (نحن نفعل ذلك – فقد كتب نيستور(زوج إيڤا ح.ع.) نصًا ووضعه على الفيس بوك وكان هناك الكثير من التعليقات والمشاركات. لقد قدّمْتُ عرض باور بوينت متقدم وأنجزت الان حتى الآن 4 "لقاءات"، على سبيل المثال: اجتماعات مع الكثير من الأشخاص المهتمين) . لا، إنه شعور بأن الوقت يمر بسرعة كبيرة، ولا يمكننا العمل بشكل جيد بما يكفي لوقف آلة القتل الإسرائيلية من أجل استمرار الاحتلال . نحن نشعر بالحزن! إنه نوع من الاكتئاب، العجز. هذه هي الحقيقة، على الرغم من أننا رأيناك قوياً للغاية، وتستمر في القول: "هذه هي حياتنا" "هذا هو الاحتلال" أو "هذه هي إسرائيل "...