التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في صحبة رومينا

في صحبة " رومينا" قابلت نبيهة عبد الرزاق الروائية والإعلامية التي تفتش عن ذاتها في الكتابة ، وتحاول أن تتلمس كيانها بين الكلمات، كما صرحت ذات حديث، تمارس البوح النسائي الشفاف أثناء سردها حول تجربة عاطفية خائبة، ضمنتها بين دفتي رواية "رومينا" بغلاف الفنان نضال جمهور وإصدار دار فضاءات للنشر والتوزيع عام 2011 في عمان الأردن
تتحلى نبيهة عبد الرازق بالجرأة المدهشة التي من خلالها تعاود التأكيد على أن الرومانسية لا زالت تستطيع أن تحتل مساحة من حياتنا ، فتبرع في سرد التفاصيل، وتصوير الأحوال والأحداث النفسية والحسية بما تمتلك من الأدوات اللازمة للتجربة الروائية ، و تتجاوز التقليد فتزاوج بين روايتها الحقيقية وبين الرواية التي كتبها احد أبطال القصة وهو أستاذ "رومينا" وحبيبها السابق، كما ويسجل للكاتبة أيضا الغموض الذي يثيره الاسم الغريب للرواية الذي تكشف عنه في نهاية الرواية
تجسد الرواية علاقة خاصة وحميمة بين رومينا "الابنة " التي هي بطلة الرواية وبين والدها بما يشعرنا انه نوع من رد الجميل ، يؤكده الاهداء الذي في مقدمة الرواية ، وترتكز الرواية على المونولوج عبر سرد الأحداث بلغة شاعرية، مما يوحي ان للأحداث بعضا من الذاتية أو انعكاسا لمحاولات الخلاص الذاتي أو طريقة للبحث عن تفسير لوقائع خاصة، يؤكد ذلك القوالب الأفلاطونية أو المثالية التي لونت عددا من الشخصيات والأحداث، ولم يعكر صفوها إلا وفاة والد البطلة، مما يعكس رغبة لدى الروائية في رؤية العالم خالصا من آلامه وشوائبه ، بعيدا عن صراعه وشقائه ، وهي رغبة ربما فقدنا الأمل في حدوثها منذ أزمنة
تحتاج الرواية إلى مواجهة الواقع بإحداثياته إضافة الرومانسية التي تسودها ، في هذا السياق يؤكد الدكتور سليمان الأزرعي في شهادته في مقدمة الرواية، أن التجربة الروائية الأولى للكاتبة برومانسيتها المطلقة لن تنسحب على الأعمال اللاحقة ، وقد أكد بكل مسؤولية نقدية أن أعمالا قادمة ستحمل معها النجاحات الإبداعية ، وهي كما أكد ناشرها جهاد ابو حشيش على الغلاف الداخلي للرواية في تقديمه لها أنها تأبى النظر إلى منجزها الأدبي بوصفه عملا كاملا ، بل قابلا للنمو والتطور في محاولها الوصول إلى الأفضل، ذلك بالتأكيد لا ينفي الحاجة إلى العناية بتفاصيل المكان الأمكنة الوطن الذي كاد يبدو واضحا في الرواية ثم اختلط الأمر بعد ذلك فيما يتعلق بهويته
تمتلك نبيهة عبد الرازق الأدوات والحماسة ، والرغبة في الانجاز الروائي، وما بدايتها الرومانسية المبكرة إلا مسيرة ميل في مسيرة شجاعة بدأت بتجربة الخلاص الذاتي من الم ما، تمهيد المواجهة الواقع بغرائبه وشوائبه، وسنرى في الأعمال القادمة ما هو أكثر قدرة على إثارة الدهشة ، والاستئثار بالقارئ والناقد

إياد شماسنة
شاعر وروائي فلسطيني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

موسم النبي روبين في جنوب فلسطين بلدة ومقام النبي روبين عام 1935

حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان

الأولى   فنون حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان  2018-08-01 10:00:00 المصدر: موقع مؤسسة عبد المحسن القطان إياد شماسنة كاتب وشاعر من فلسطين  "أبعاد ذاتية" لمنال ديب في دار إسعاف النشاشيبي بالقدس حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان يستمر المعرض من 27 حزيران وحتى نهاية أيلول، في المبنى الرمادي الغامق على شكل مكعب، أعلى تلة في ضاحية الطيرة التي تتوسع نحو الريف، وتستمر رسالة المؤسسة في التنوير والمساهمة في تكوين وترسيخ ثقافة نقدية فلسطينية، ذاتية للبنية والمشروع السياسي، كما قال عبر الرحمن شبانة أحد القيمين على المعرض. عندما يرتبك المشروع السياسي، أو يغيب الضوء قليلاً عن الأفق الوطني، في ظل متغيرات قاهرة، تتراجع السلطة الحاكمة، تتخلى، أو يتم إجبارها على التخلي عن دورها الخدماتي، ويقتصر على التشريع والدفاع إن وجد، لصالح القطاع الخاص، أو بمشاركة ولو محدودة للقطاع الأهلي. في تلك التحولات؛ تتقدم الثقافة، ناقدة، تنويرية، مثيرة للأسئلة، باحثة عن ال...

رحلة ايفا شتال الى فلسطين عبر مخيم تل الزعتر

" حدود المنفى " (رحلة إيڤا شتّال إلى فلسطين عبر مخيّم تلّ الزعتر) جوتنبرج 14.01.19 أعزائي؛ سميرة وحسن عبادي لقد مر شهرٌ وأكثر منذ عودتنا من فلسطين، وما زلنا لم نستقر بعد. لا يتعلق الأمر بأننا لا نمتلك عائلة كبيرة (إنها لدينا)، والكثير من الأصدقاء (هم لدينا)، أو أن والدتي تبلغ من العمر (ما يقرب من 96 عامًا وتتمتع بصحة جيدة جدًا، ولكنها الآن سقطت وارتطم رأسها)، أو أنه لا توجد فرصة للحديث عن فلسطين؛ (نحن نفعل ذلك – فقد كتب نيستور(زوج إيڤا ح.ع.) نصًا ووضعه على الفيس بوك وكان هناك الكثير من التعليقات والمشاركات. لقد قدّمْتُ عرض باور بوينت متقدم وأنجزت الان حتى الآن 4 "لقاءات"، على سبيل المثال: اجتماعات مع الكثير من الأشخاص المهتمين) . لا، إنه شعور بأن الوقت يمر بسرعة كبيرة، ولا يمكننا العمل بشكل جيد بما يكفي لوقف آلة القتل الإسرائيلية من أجل استمرار الاحتلال . نحن نشعر بالحزن! إنه نوع من الاكتئاب، العجز. هذه هي الحقيقة، على الرغم من أننا رأيناك قوياً للغاية، وتستمر في القول: "هذه هي حياتنا" "هذا هو الاحتلال" أو "هذه هي إسرائيل "...