التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"الغرفة التي حدث فيها الأمر:

 


مذكرات البيت الأبيض" لجون بولتون

اياد شماسنة : شاعر وروائي فلسطيني

يعد كتاب "الغرفة التي حدث فيها الأمر: مذكرات البيت الأبيض" شهادة شخصية من مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، الذي كان جزءًا من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. يقدم الكتاب لمحة غير مسبوقة عن كواليس البيت الأبيض، مع التركيز على فترته في هذا المنصب والقرارات التي تم اتخاذها في مجالات السياسة الخارجية الأمريكية، وهي فترة اتسمت بالفوضى والصراعات الداخلية.

نبذة عن المؤلف

جون بولتون؛  دبلوماسي أمريكي ذو خلفية قانونية، وقد شغل عدة مناصب رفيعة في الإدارة الأمريكية، أبرزها سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ومن ثم مستشار الأمن القومي في عهد ترامب. يُعرف بولتون بمواقفه المتشددة، خصوصًا في السياسة الخارجية، حيث كان يدعو إلى تدخل أكبر للولايات المتحدة في شؤون العالم، وكان مشككًا في فعالية التعاون الدولي عبر المؤسسات متعددة الأطراف. هذه الخلفية تؤثر بشكل واضح على أسلوبه في الكتابة وتحليلاته.

أحداث الكتاب وتفاصيله

يركز الكتاب على تقديم نظرة من الداخل على طريقة عمل إدارة ترامب، مع تسليط الضوء على تجارب بولتون الشخصية في التعامل مع الأزمات العالمية الكبرى، مثل التوترات مع كوريا الشمالية وإيران والصين. يُظهر الكتاب كذلك كيف كانت السياسات التي اتبعتها إدارة ترامب في هذه القضايا غالبًا ما تفتقر إلى التماسك والاستراتيجية المدروسة، ويصف بولتون فترة عمله بأنها مليئة بالصراعات الداخلية، حيث كانت القرارات غالبًا ما تُتخذ بناءً على اعتبارات سياسية شخصية، بدلًا من الاهتمام بالمصالح الاستراتيجية الطويلة الأمد.

العلاقة مع الرئيس ترامب

يكشف بولتون عن التوترات المستمرة بينه وبين الرئيس ترامب. في رأيه، كان ترامب شخصية غير مستقرة سياسيًا، يفضل الغرائز والعلاقات الشخصية على المشورة الاستراتيجية، مما يضعف من فعالية القرارات المتخذة في السياسة الخارجية. ويصف بولتون العديد من المواقف التي عكست تفضيلات ترامب الشخصية على حساب المشورة المؤسسية أو الاستراتيجية، مما انعكس سلبًا على أداء الإدارة الأمريكية في الساحة الدولية.

القضايا الرئيسية في الكتاب

  • كوريا الشمالية: يرى بولتون أن الدبلوماسية التي انتهجها ترامب مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون كانت غير مجدية، حيث كانت تعتمد على القمة بين الزعيمين، دون استراتيجية واضحة أو نتائج ملموسة.
  • الصين: يشير بولتون إلى أن سياسة ترامب تجاه الصين تأثرت بمصالحه الشخصية أكثر من أي اعتبارات استراتيجية، مما ساهم في تدهور العلاقة بين البلدين في العديد من المجالات.
  • إيران: يقدم الكتاب نقدًا لاذعًا للسياسة الأمريكية تجاه إيران، حيث يرى بولتون أن إدارة ترامب كانت تتبع نهجًا غير متسق، مما أدى إلى نتائج محدودة، ولم تساهم بشكل كبير في تغيير السلوك الإيراني على المستوى الدولي.
  • أوكرانيا: يخص الكتاب جزءًا من فصوله لقضية أوكرانيا، التي كانت محور محاكمة ترامب الأولى في مجلس الشيوخ الأمريكي.

المناخ الداخلي في البيت الأبيض

يتناول بولتون أيضًا الخلافات المستمرة بين كبار المسؤولين في البيت الأبيض، والتي خلقت بيئة عمل غير متماسكة، حيث كان الاعتماد على العلاقات الشخصية بين ترامب ومستشاريه يشكل أساسًا لتحديد القرارات أكثر من استنادها إلى تحليل استراتيجي أو مؤسسي. هذا التوتر الداخلي كان له أثر سلبي في فاعلية الإدارة الأمريكية.

مزايا الكتاب

من أبرز مزايا الكتاب تقديمه لمحة نادرة وشاملة عن السياسة الداخلية للبيت الأبيض في عهد ترامب، فضلاً عن تحليله العميق لعدة قضايا حساسة في السياسة الخارجية. كما أن أسلوب بولتون الصريح والمباشر في الكتابة يضفي مصداقية على الرواية، مما يساعد في فهم أعمق للأحداث التي جرت في تلك الفترة.

الانتقادات الموجهة للكتاب

على الرغم من المزايا التي يتمتع بها الكتاب، إلا أنه تلقى بعض الانتقادات. من أبرز هذه الانتقادات هو نقص الموضوعية في تصوير بولتون لشخصية ترامب. إذ يظهر بولتون ميولًا شخصية قد تؤثر على نزاهة الرواية. كما أن الكتاب يركز بشكل كبير على نقد أخطاء الإدارة الأمريكية دون أن يقدم حلولًا عملية للمشكلات التي تناولها، مما يحد من فعاليته في تقديم بدائل استراتيجية للأزمات الدولية التي جرت خلال فترة تولي ترامب الرئاسة.

الختام

في الختام، يبقى "الغرفة التي حدث فيها الأمر: مذكرات البيت الأبيض" إضافة مهمة لفهم الأحداث التي شكلت السياسة الأمريكية خلال فترة حكم ترامب. وعلى الرغم من التحفظات حول تحيزات المؤلف، فإن المذكرات تساهم في إثراء النقاش الأكاديمي حول مسؤوليات المستشارين للرؤساء في صياغة السياسة الخارجية، وتسلط الضوء على المخاطر التي قد تنجم عن القيادة السياسية المبنية على المعاملات الشخصية والقرارات الاندفاعية.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

موسم النبي روبين في جنوب فلسطين بلدة ومقام النبي روبين عام 1935

حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان

الأولى   فنون حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان  2018-08-01 10:00:00 المصدر: موقع مؤسسة عبد المحسن القطان إياد شماسنة كاتب وشاعر من فلسطين  "أبعاد ذاتية" لمنال ديب في دار إسعاف النشاشيبي بالقدس حين تتعاقد الأمم من الباطن: أسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان يستمر المعرض من 27 حزيران وحتى نهاية أيلول، في المبنى الرمادي الغامق على شكل مكعب، أعلى تلة في ضاحية الطيرة التي تتوسع نحو الريف، وتستمر رسالة المؤسسة في التنوير والمساهمة في تكوين وترسيخ ثقافة نقدية فلسطينية، ذاتية للبنية والمشروع السياسي، كما قال عبر الرحمن شبانة أحد القيمين على المعرض. عندما يرتبك المشروع السياسي، أو يغيب الضوء قليلاً عن الأفق الوطني، في ظل متغيرات قاهرة، تتراجع السلطة الحاكمة، تتخلى، أو يتم إجبارها على التخلي عن دورها الخدماتي، ويقتصر على التشريع والدفاع إن وجد، لصالح القطاع الخاص، أو بمشاركة ولو محدودة للقطاع الأهلي. في تلك التحولات؛ تتقدم الثقافة، ناقدة، تنويرية، مثيرة للأسئلة، باحثة عن ال...

رحلة ايفا شتال الى فلسطين عبر مخيم تل الزعتر

" حدود المنفى " (رحلة إيڤا شتّال إلى فلسطين عبر مخيّم تلّ الزعتر) جوتنبرج 14.01.19 أعزائي؛ سميرة وحسن عبادي لقد مر شهرٌ وأكثر منذ عودتنا من فلسطين، وما زلنا لم نستقر بعد. لا يتعلق الأمر بأننا لا نمتلك عائلة كبيرة (إنها لدينا)، والكثير من الأصدقاء (هم لدينا)، أو أن والدتي تبلغ من العمر (ما يقرب من 96 عامًا وتتمتع بصحة جيدة جدًا، ولكنها الآن سقطت وارتطم رأسها)، أو أنه لا توجد فرصة للحديث عن فلسطين؛ (نحن نفعل ذلك – فقد كتب نيستور(زوج إيڤا ح.ع.) نصًا ووضعه على الفيس بوك وكان هناك الكثير من التعليقات والمشاركات. لقد قدّمْتُ عرض باور بوينت متقدم وأنجزت الان حتى الآن 4 "لقاءات"، على سبيل المثال: اجتماعات مع الكثير من الأشخاص المهتمين) . لا، إنه شعور بأن الوقت يمر بسرعة كبيرة، ولا يمكننا العمل بشكل جيد بما يكفي لوقف آلة القتل الإسرائيلية من أجل استمرار الاحتلال . نحن نشعر بالحزن! إنه نوع من الاكتئاب، العجز. هذه هي الحقيقة، على الرغم من أننا رأيناك قوياً للغاية، وتستمر في القول: "هذه هي حياتنا" "هذا هو الاحتلال" أو "هذه هي إسرائيل "...